السقوط الامني دوافع واثار ج1-عبد الناصر رابي

عبد الناصر رابي

::كاتب مميز::
بسم الله الرَّحمن الرَّحيم
السقوط الأمني دوافعُ وآثار
عبد الناصر عدنان رابي - فلسطين
المقدِّمة:
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد الخلق أجمعين وبعد :_
إن عملية السقوط الأمني تلعب دوراً محورياً في إدارة دفَة الصِّراع القائم بين الشعب الفلسطيني المسلم والمحتلين اليهود, وتمثل عاملا مركزيا ذو تأثير عميق في مستقبل هذا الشعب المسلم ومسيرته الجهادية .
لذلك فان أعداء الله اليهود يبذلون الجهود الجبارة من أجل إسقاط من يستطيعون في أشراكهم بهدف التجنيد أو التحييد . من هنا وجدت لزاماً عليّ المساهمة بهذا الجهد من أجل المساعدة في مقاومة حرب الإيقاع والإسقاط التي يشنها اليهود ضد أبناء المسلمين .ولقد اعتمدت في هذا البحث على الأسلوب الموضوعي في الطرح دون مواربة أو مغالاة , معتمدا في ذلك بشكل أساسي على:
1- مجموعة من الدراسات التي أعدت داخل السجون وخارجها حول الموضوع.
2- على ما قمت به من بحث ميداني وما سمعته من إطراف عديدة.
حيث سيتضمن الجزء الأول من الكتاب أسباب السقوط بشكل واضح , وطرح لجملة من الطرق التي أراها مناسبة لدفع تلك الأسباب ومقاومتها . ومما سيلاحظه القارىء أن هناك قسطا كبيرا من غير العملاء يسهمون في نشر تلك الأسباب عن غير قصد . لذلك فإنني ادعوهم إلى لفظ كل تصرف يخدم مصلحة العملاء المباشرين .
وفي الجزء الثاني سأعمل إن شاء الله على إظهار أساليب الإسقاط والأماكن المستغلة لذلك , ومبيناً المهمات الملقاة على عاتق العملاء , و بعض أساليب عملهم , وأنماط تعامل اليهود معهم .
سائلا المولى التوفيق في عملي هذا , وجعله خالصا لوجهه الكريم فإن أحسنت فمن الله وان كان غير ذلك فمن نفسي .
أخوكم
عبد الناصر عدنان رابي - فلسطين 2005

رقم الصفحة الموضوع الرئيسية رقم الصفحة الموضوع الفرعية
3 تقديم 11 عوامل السقوط الأخلاقي
4 الجزء الأول 14 قصص واقعية1
4 أسباب السقوط 18 إرشادات حول المال
4 ضعف الوازع الذاتي 27 قصص واقعيه2
8 ضعف الرادع الموضوعي 34 كلمات مهمة
9 الجهل 37 قصص واقعية3
10 الفساد الخلقي 42 الفئات المستهدفه
16 الفقر 49 قصص واقعية
19 الانحراف الفكري 54 التنظيم الوهمي
23 الإشاعة
25 المشاكل العائلية
27 المشاكل بين الناس
31 أساليب الإسقاط
31 الترغيب
36 الترهيب
40 الإقناع
43 أماكن الإسقاط
50 عمل المخابرات في الجامعات
56 مهام العملاء
تقديم
إن الدور الاستراتيجي الذي يلعبه العملاء في خدمة من يجندونهم من أعداء شعوبهم على مدار التاريخ جعل عملية زرع العملاء في الدول والتجمعات المعادية سياسة إستراتيجية في التعامل مع الخصم يتم العمل على تسارعها وتطويرها بشكل مستمر,لايجابياتها الكبيرة للمجنِدين والتي قد تصل إلى قلب أنظمة الحكم كما حصل مع الخلافة الإسلامية أو حرف ثورات عن مسارها ما بين هذه وتلك من نجاحات عسكرية وأمنية واقتصادية.
إن الأسباب العامة للإسقاط لم تكن هي الدوافع الوحيدة التي دفعت اليهود للعمل بشراسة من أجل إسقاط من يستطيعون في حبائلهم. فعمليات الإسقاط لها جذور عقلية ونفسية وعقائدية لدى اليهود؛ مما جعل الإسقاط عندهم هدفا وليس وسيلة, لأسباب متعددة منها :

أولا: نظرة اليهود الفوقية إلى بقية الأمم والشعوب وخاصة المسلمين واعتقادهم ان الاغيار(الجويم) خلقوا لخدمة اليهود (شعب الله المختار) حسب زعمهم؛ ولقد ورد في القران الكريم على لسانهم قوله تعالى: ((وَمِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ إِن تَأْمَنْهُ بِقِنطَارٍ يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ وَمِنْهُم مَّنْ إِن تَأْمَنْهُ بِدِينَارٍ لاَّ يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ إِلاَّ مَا دُمْتَ عَلَيْهِ قَآئِمًا ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُواْ لَيْسَ عَلَيْنَا فِي الأُمِّيِّينَ سَبِيلٌ وَيَقُولُونَ عَلَى اللّهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ} صدق الله العظيم ال عمران75؛ أي يقولون ان أموال العرب حلال لنا ، لأنهم ليسوا على ديننا ولا حرمة لهم في كتابنا ، وهم يستحلون ظلم من خالفهم في دينهم كما قال المفسرون.

جاء في سفر (اشعياء- اصحاح 61\5-6): " ويقف الأجانب ويرعون غنمكم ويكون بنو الغريب حراثيكم وكراميكم. ".ويقول عفاديا يوسف «صب غضبك على الاغيار» ودعا الحاخام اليهودي الله إن «ينتقم من العرب ويبيد ذرّيتهم ويسحقهم ويخضعهم ويمحوهم عن وجه البسيطة». وأوصى اليهود بالشدة مع العرب حيث قال «ممنوع الإشفاق عليهم، يجب قصفهم بالصواريخ بكثافة وإبادتهم. إنهم لشريرون».10 أبريل 2001 ,الشرق الأوسط.-- ومجازرهم وأعمالهم ضد غيرهم لا تخفى على منصف-- ولذلك فهم يرون أن من واجبهم ترويض الشعوب وتسخيرها لخدمتهم, ويعتقدون أن ذلك لا يتحقق إلا بإسقاط أكبر قدر ممكن من الناس سياسياً, أو فكرياً, أو أمنياً, أو أخلاقياً. ومما يدلل عمليا على ذلك احتقارهم للعملاء وإذلالهم واستغلالهم أسوأ استغلال, وعدم الاكتراث بمشاعرهم أو حياتهم؛ كونهم حشرات حسب اعتقاد اليهود, وما هم إلا حيوانات تؤدي واجبها تجاه اليهود.

ثانيا: اليهود شعب قليل العدد فوقيّ النظرة, عنصريّ التوجه, يرى أن من حقه السيطرة على العالم جاء في سفر اللاويين (الاصحاح20 \24-26) : "أنا الرب الهكم الذي ميزكم من الشعوب... وتكونون لي قديسين لاني قدوس أنا الرب. وقد ميزتكم من الشعوب لتكونوا لي "، و وهم يعتقدون ان ذلك لا يتحقق إلا إذا تغلبوا على عقدة النقص العددي التي يعانون منها؛ لهذا فإنهم يركزون و بشدة على عملية الإسقاط ويربطونها بمصيرهم ومستقبلهم, ولذلك نرى أنهم يوكلون الكثير من المهام الخطرة لعملائهم من أجل تحقيق أهدافهم بأقل الخسائر الصهيونية .

ثالثا:لان اليهود قوم حريصون على الحياة, وخاصية الجبن متجذرةٌَ في نفوسهم، قال تعالى: ((لا يُقَاتِلُونَكُمْ جَمِيعًا إِلَّا فِي قُرًى مُّحَصَّنَةٍ أَوْ مِن وَرَاء جُدُرٍ)) الحشر 14 وقال أيضا: ((وَلَتَجِدَنَّهُمْ أَحْرَصَ النَّاسِ عَلَى حَيَاةٍ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا يَوَدُّ أَحَدُهُمْ لَوْ يُعَمَّرُ أَلْفَ سَنَةٍ وَمَا هُوَ بِمُزَحْزِحِهِ مِنَ العَذَابِ أْن يُعَمَّرَ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِمَا يَعْمَلُونَ)) البقرة96 صدق الله العظيم. فحب الحياة والجبن عنصران أساسيان متأصلان في شخصية اليهود؛ مما دفعهم إلى عدم الجرأة على المواجهة المباشرة التي يتكبدون فيها خسائر كبيرة. فنراهم يميلون إلى دفع عملائهم في المقدمة استخبارياً و قتالياً كما حدث مع "الكتائب اللبنانية", وجيش "لحد", وقطاعات من الدروز, وبعض البدو في فلسطين 000إلخ.وهذا الأسلوب يتطلب العمل بجد وقذارة متناهية من أجل إسقاط من يستطيعون إسقاطه سواء من اجل التحييد او التجنيد؛ ولهذا فالإسقاط ركن أساسي من أركان إستراتيجيتهم و عقليتهم الأمنية, والعسكرية, والعقائدية .

رابعا: لدى اليهود أزمة ثقة في كل الشعوب, فهم لا يمنحون ثقتهم لغير اليهود؛ وهذا يدفعهم إلى زرع العملاء أينما استطاعوا, وحتى في تجمعات من يدعمونهم مثل أمريكا وبريطانيا, ولا يثقون بأتباعهم من الحكام العرب الذين وقّعوا معهم الاتفاقيات. فبعد تلك الاتفاقيات زاد عدد عملائهم في مصر, والأردن, وفلسطين, التي استخدموا فيها أقذر الوسائل لحمل ضحاياهم على الارتباط والعمالة.

خامسا:نظرة اليهود للمسلمين نظرة عداء مستحكم نابع من عقيدتهم, كما أخبرنا رب العالمين عندما قال: ((ولا يزالون يقاتلونكم حتى يردوكم عن دينكم إن استطاعوا ))217 البقرة, وغني عن الإثبات أن عمليات تجنيد العملاء تشتد وتستعر أثناء الحروب وفترات التنازل من الخصم, كما حدث بعد الاتفاقيات التي وقعت معهم حيث استفاد اليهود من الوضع الجديد في تطوير سبل وأماكن إسقاط جديدة وبحرية أكبر.وهذا ما دلت عليه أعمار العملاء الذين ساهموا في عمليات اغتيال نشطاء انتفاضة الأقصى.

سادسا:سعى اليهود الى نشر ثقافة الانحلال والفساد الخلقي بين الناس لإبعادهم عن دينهم وتشتيت روابطهم الاجتماعية وتغيير اهتماماتهم إلى مادية جسدية ليسهل قتل الفضيلة في نفوسهم ليقوى تاثيرهم على الشعوب كونهم يتقنون فنون الانحلال الخلقي واعتبارهم إفساد غيرهم عمل ديني لانه يسهل تسخيرهم وليس هذا خافيا من الناحية العملية.

فحقدهم الدفين على الشعوب وخاصة المسلمين يتطلب منهم إيجاد الأشخاص الذين يعملون على نشر ثقافة الانحلال من أبناء تلك الشعوب أنفسها, ليتم تقبل الأفكار المسمومة بشكل أكبر مما يتطلب رفع وتيرة الإسقاط قدر المستطاع وبشتى أشكاله.

مما سبق نرى أن صفة الإجرام و الإفساد متأصلة في عقول ونفوس اليهود ولا يمكن أن يتخلوا عنها؛ لكونهم يعتبرونها سر قوتهم والضمان لتفوقهم وأمنهم واستمرار دولتهم ورخائهم الاقتصادي ،ومن يحتكم لهذا النهج يبيح لنفسه فعل كل رذيلة من اجل إحقاق آماله في واقع الحياة وتجسيدها واقعا ملموسا .متشبثين بالقاعدة القائلة (الغاية تبرر الوسيلة ) ،ولقد استخدم اليهود الكثير من السبل في عمليات الإسقاط مثل الترغيب, والترهيب, و الخداع, و الإِقناع ، و استغلوا حاجات الناس لأبسط حقوقهم مثل: لقمة العيش, أو حبة الدواء, أو بيت السكن, أو الأمن على النفس, و الأهل, والمال واستغلوا الأحقاد والمشاكل بين الناس







الجزء الأول
أسباب السقوط:
السقوط لغة :هو الانحدار. نقول سقط الحجر إذا وقع من القمة إلى القاع.
السقوط الأمني:هو تخلي الإنسان عن نفسه ودينه ووطنه, وارتباطه مع أعداء شعبه؛ لِيُصْبحَ أداة يوجهها عدوه كيفما يشاء؛ لخدمة مصالحه المتناقضة مع أهداف ومصلحة شعبه .ويطلق هذا الوصف عندنا على كل من ارتبط مع الأجهزة الأمنية الصهيونية أو الإدارة المدنية وأذرعها, ومن باع أرضا ليهودي, أو كان وسيطا, أو كان شاهدا على ذلك, إضافة إلى كل من سَلَّم معلومات لليهود عن المجاهدين أو قام بمحاربتهم، أو نفذ أوامر المحتل التي هي ضد الدين ومصلحة الوطن.
إن للسقوط الأمني دوافع عدة،منها: ضعف الوازع الذاتي ،ضعف الرادع الموضوعي،الجهل،الانحراف الفكري واختلال موازين التقييم،الفساد الخلقي, و الفقر, والمشاكل العائلية, أو مع الغير, وجملة أخرى من الدوافع المبثوثة خلال ما سلف من الأسباب, والتي سأناقشها في هذا الفصل إن شاء الله .
أولا:ضعف الوازع الذاتي:
والمقصود بالوازع الذاتي هو: الأساس النفسي الشعوري والإعتقادي المُسيِّر للإنسان والمُوجِّه لحركاته.والمراد به هنا الوازع الديني والوازع الوطني الذي هو جزء من الديني؛ لأن العمل من أجل تحرير البلاد من الأعداء, والعمل على رقيها ونهضتها واجب شرعي. من هنا فإن تأصّل القيم الدينية والوطنية في النفس البشرية هو الدرع الواقي وخط الدفاع الأول الذي يصد كل دوافع السقوط الأخرى؛ لأن الإيمان بالثواب و العقاب والجنة والنار, والتيقن أن الأمر بيد الله يعز من يشاء, ويذل من يشاء, ويرزق من يشاء ويمسك عمَّن يشاء, والاعتقاد الجازم أن هذه الدنيا دار ممر, وأن الآخرة هي دار المقر, وأن لا نفع ولا ضر إلا بيد الله .كل هذه المعاني السامية ترتفع بالنفس الإنسانية, وتحررها من عبودية الدنيا و الأشخاص, و تعتقها من ثقلة اللحم و الدم, وتجعل همها هم الآخرة؛ فتحيد عن كل ما يغضب الله, وتدفعها إلى الاسترسال و التفاني من أجل إرضاء الله عز وجل وعمل الخير .
((ضعف الوازع الذاتي : بمعنى ترك النفس لهواها وشهوتها فالذي استعبدته شهوته وأسرته نفسه وألغى عقله وما نشأ عليه من الخير أقرب ما يكون لأن يتساقط ما دام السقوط يلبي له هذه الغريزة وتلك الشهوة فمغريات الحياة كثيرة والنفس الإنسانية أمارة بالسوء تـنجر نحو الإغراء المادي والمعنوي ، قال تعالى على لسان إمرأة العزيز : (( وما أبرئ نفسي إن النفس لأمارة بالسوء إلا ما رحم ربي )يوسف 53 . ولا تختلف نفس عن نفس في هذا إلا من ناحية الحصول على ما تريد حلالاً أم حراماً ، فالنفس المؤمنة التي ترجو ثواب الله وتخشى عقابه وتراقبه عز وجل عند كل فعل أو قول, تحذر من الشبهات وتصبر على الحرمان, بل وتجد السعادة في هذا الحرمان طالما أنه الطريق الموصل إلى الجنة, حيث لا تعترضه معصية ولا يلتقيه حرام أو إثم ، أما النفس الكافرة التي لا تعرف المتعة إلا الدنيا ولا تعرف الدنيا إلا أنها متعة, فلا حساب ولا ثواب ولا عقاب, فإنها تضعف أمام كل إغراء وتُـقبل على متع الحياة وتجلب منها ما استطاعت وبكل الوسائل ....!!)) بحث غير منشور انتهى.
من هنا نقول إن تربية الأبناء على موائد القران وغرس معاني الحب لله ودينه, و الرغبة في الجنة, والخوف من النار, والتربية على حب الوطن, هي الأساس المتين المُهذِّب للنفس والمُوجِّه الإيجابي للسلوك البشري, ومن أجل إحقاق ذلك في واقع الحياة, فإنني أنصح بسلوك المربي الطرق التالية :
1- قراءة القران وسير الأنبياء والصالحين مع أهل بيته وأصدقائه وتذاكرها معاً .
2- تعويد الأبناء على أداء الواجبات الدينية وإقناعهم بأهميتها ووجوبها .
3- ربط الأبناء بالمؤسسات الدينية كالأندية و المدارس وغيرها .
4- إبعادهم عن أصدقاء السوء وضمهم لدور تحفيظ القران .
5- العمل على زيادة ثقافتهم الأمنية .
6- و الشيء الأهم أن يُمثِّل الأب و الأم القدوة الحسنة لهؤلاء الأبناء, وأن يعملوا على تطوير وتنفيذ تلك الأساليب والطرق المُرَسِّخة للعقيدة و القيم في النفس البشرية .
7- من خلال ربط الجيل الصاعد بالوطن, وربطهم بالواجبات الملقاة على عاتقهم تجاه الوطن بكل السبل المتاحة وأثناء مراحل التربية كافة. وما مشروع صندوق طفل الأقصى, وأعمال إعمار الأقصى, وترميم الآثار المهدمة, ومقاومة مشاريع مصادرة الأراضي, وإقامة المعارض والندوات إلا نماذج مهمة تساعد وبفاعلية على ربط الجيل بوطنه وقضيته .


ثانيا :ضعف الرادع الموضوعي :
والمقصود به: العقاب الحسي المباشر في الدنيا، قال "عثمان بن عفان" رضي الله عنه: ((إن الله ليزع بالسلطان ما لا يزع بالقران )) مجموع فتاوى ابن تيمية11/395. من المعلوم أن هناك نوعية من الناس لا يؤتي النصح والإرشاد معهم أُكُلَه, فكان لا بد من زجرهم بالعقاب الحسي من أجل ردع المسيء وإرهاب غيره( وتطهيره إن كان حداً ). وهذا الطرح ليس بدعا من الخيال أو الاجتهاد الشخصي. فالإسلام أقره في القران الكريم, ونفذه رسول الله صلى الله عليه وسلم , فالحدود, والقصِاص, والتعزير هي عقوبات حسية شرعية.قال تعالى:((ولكم في القصاص حياة يا أولي الألباب لعلكم تتقون))179\البقرة.
إن العقوبة الحسية ليست موجهة فقط ضد العملاء, ولكنها تشمل أيضا مرتكبي المعاصي المساهمة في عملية السقوط, أو نشر ثقافة الفساد في المجتمع, والتي تعد تربة خصبة لليهود يسهل عليهم العمل من خلالها بفاعلية كبيرة. ومثال ذلك الفساد الخلقي, وتعاطي الخمور, والتعامل بالربا والسرقات, وجملة أخرى من التصرفات التي سأوردها بشكل أوسعُ لاحقا بإذن الله.
إن العقوبات لا تُقام كحدود إلا في ظل دولة الإسلام وضمن شروط محددة،والعقوبات في ظروفنا هذه يجب أن تخضع لعدة معايير منها:
1- أن يكون العقاب مكافئا لحجم المعصية والخطأ ومباح شرعا, فلا يقتل من شرب خمرا, ويُترك من باع وطنا, واغتال المجاهدين والمناضلين .
2-يجب ألا يكون للمحسوبية والوساطة أي اعتبار في تقييم العمل وفاعله؛ لأن مثل هذا التدخل يدفع المفسدين إلى التوسع في فسادهم, والإضرار بالأمن الوطني, وبث الفرقة والخلاف .
3- التحقق والدقة قبل إيقاع العقوبة؛ لكي لا يُظلم أحد وتُشَّوه سمعة بريء . ومن اجل ذلك يجب ألا يتصدى لمثل هذه المهمة الصعبة إلا ذوو الخبرة والاطلاع, وأصحاب التقوى والورع, ومن لا تحكمهم العواطف والأهواء والمصالح الشخصية, سواء كانوا من أبناء الأجهزة الأمنية, أو التنظيمات العاملة؛ لأن السماح للمراهقين أمنيا وصغار السن من غير ذوي الخبرة بالقيام بذلك العمل, أدى إلى ظلم الكثير من الأشخاص والعائلات باسم الوطنية والشرف, مما أشعل أحقادا, وأدى إلى عمليات ثأر قاسية, وأدخل العديد في حالات هوس أمني لم تصب مطلقا في صالح القضية الفلسطينية ,وإن الأخذ بالشبهات وإنزالها منزلة الحقائق دون تمحيص, ضرب من الظلم والفوضى .
وهذا الكلام يقودنا إلى نقطة مهمة ذكرها رب العزة عندما قال:((ولا تزر وزارة وزر أخرى))الأنعام 164؛ فوالد "إبراهيم عليه السلام" كان كافرا, وزوجة "لوط", وابن "نوح", وعم النبي- عليه الصلاة والسلام- كانوا كفارا ، ولكن لم يُأخَذ ذووهم بجريرتهم, ولم يُلصَق عارهم بغيرهم من الأهل والأصدقاء, ما داموا لم يوافقوهم على ضلالهم .
إن أخذ الأبرياء بجريرة المفسدين له انعكاسات سلبية على نفسية ذوي المتهمين, أو الفاسدين, أو العملاء, ومثل تلك المعاملة لا يقوم بها إلا جاهل, أو حاقد, أو عميل, يريد إيصال بعض الأهالي إلى درجة الحقد على المجتمع؛ ليكونوا معاول هدم وتدمير لهذا المجتمع الظالم لهم حسب رأيهم .يقول الأستاذ "خضر عباس" المحاضر في "جامعة القدس المفتوحة" "بغزة" حسب, ما ورد في مجلة "السعادة": (( إن العمالة ليست قضية عادية بالنسبة لمجتمعنا الفلسطيني لأنه مجتمع محافظ , ولكن يجب أن يفرق المجتمع بين العميل وذويه لأنهم من ناحية إسلامية ووطنية أبرياء .وأضاف قائلا إذا خسر المجتمع شخصا واحدا فلا يجب أن يخسر أسرته فربما يخرج من بين أصلابهم مناضلون ,وعلى كل الأحوال فالشعب الفلسطيني هو الذي يخسر في النهاية سواء قتل منه عميل أم فدائي, لذلك إذا قتلنا عميلا يجب ألا نقتل أولاده من بعده بالبعد عنهم والنفور منهم بل وتحميلهم ذنب والدهم )) انتهى. إضافة إلى أنه يجب على أصحاب القرار أن يكونوا على وعي ودراية تامة بأساليب التقييم والتمحيص؛ ليتسنى لهم دقة إصدار الحكم.أما المجتمع فينبغي له لفظ أولئك الحثالات, وعدم تكريمهم وتمجيدهم؛ لأن تبجيل المفسدين والساقطين دفع جملة من الوصوليين وضعفاء النفوس إلى الارتماء في أحضان اليهود؛ من أجل كسب الشهرة, والسلطة, والمال ،فميزان التفاضل في الإسلام هو التقوى لقوله تعالى:(( إن أكرمكم عند الله أتقاكم))الحجرات 13.وليس النسب, والمحسوبيات, والوضع المالي, مالم يقترن ذلك بالشرف, والنزاهة, والتقوى والإخلاص .
ثالثا:الجهل:
لقد كرم الله الإنسان بأن حباه نعمة العقل, وجعله مناط التكليف, ولم يساوِ بين الجهل والعلم النافع, فقال عز وجل:((قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون))الزمر\9؛ فالجهل إذاً عكس المعرفة. إن نقطة الضعف الكبرى المتمثلة بالجهل مثلت مدخلا واسعا من مداخل الشيطان (اليهود) وساهمت بفاعلية في إيقاع العديد من الضحايا في أشراك اليهود؛ وذلك من خلال جهل البعض بالحكم الشرعي في التعامل مع اليهود وقلة درايتهم بتفصيلاته،وجهلهم بأساليب الإيقاع والترغيب والترهيب التي يستخدمها اليهود،وما يمكن استخدامه فعلا من تلك السبل،إضافة إلى ضحالة المعرفة بأساليب الوقاية والعلاج لأسباب السقوط .وما هذا البحث إلا خطوة على طريق إنقاذ الغرقى في بحور الجهل الأمني، وإن من أهم الاقتراحات الضرورية التي يحسن انتهاجها للقضاء على آفة الجهل ما يلي:
1- تضمين المناهج الدراسية جملة من المواضيع المنتقاة والموجهة؛ لزيادة الوعي بطرق الإسقاط وأنماط مواجهتها.
2- عقد حلقات دراسية وورش عمل للقائمين على الجهاز التربوي العام والخاص حول الموضوع؛ لتطوير اتجاهاتهم الإيجابية في التعامل مع القضية.
3- إعداد نشرات حول الموضوع وتعميمها على الناس.
4- قيام أولي الأمر بتثقيف أبنائهم وبناتهم ثقافة أمنية موجهة, تُمزِّق ستار الجهل. وتُضِيء مشعل العلم والدراية.
5- انتهاج الأساليب التربوية السليمة في تربية الأبناء, وهذا لا يتحقق دون علم ومعرفة بتلك الأساليب, مما يوجب تعلم تلك الأساليب سواء من خلال القراءة أو السمع , وننصح بكتاب "تربية الأولاد في الإسلام", وسلسلة "تربية الأولاد" "للقطان" ( أشرطة كاست) .
رابعا:الفساد الأخلاقي:
ويعني الانحراف عن سوي الأخلاق, وإتيان المعاصي, والموبقات المهلكات،كالزنا, والتفريط بالعرض, وشرب الخمر00000.إن هناك قاعدة شهيرة تقول:(السقوط الخلقي طريق سهلة للسقوط الأمني ) .إن العامل الأساسي المشترك بين السقوطين( الأمني والأخلاقي)هو انهيار الأساس النفسي الإيجابي الموجه للسلوك الحركي نحو الفضيلة والخير؛مما يدفع إلى الاستهتار بالوازعين الديني والموضوعي, اللذان هما الأساس الموجه للجوارح والفكر, (ورغم ذلك لا يمكننا القول إن كل فاسد أخلاقيا هو ساقط أمنيا, فقليل ممن هم فاسدون أخلاقيا هم ساقطون أمنيا ).
إن أماكن الفساد موقع مفضل لليهود وعملائهم, حيث يسهل عليهم التواجد فيها, واستغلالها بفاعلية كمصائد للضحايا, مثل: الكازينوهات, وأماكن لعب القمار, وتعاطي الخمور000إلخ .ولا ننسى أن غير المجاهر بسقوطه الخلقي ليس بمنأى عن أنياب الوحش الصهيوني الذي قد يستغل زلته الأخلاقية لإرهابه بنشرها إذا لم يتعاون معه . حيث يبدأ اليهود بطلبات بسيطة تكبر مع زيادة أوراق الضغط لديهم, واستمرار الانحدار النفسي للضحية. ولا أكشف سرا عندما أؤكد على كون الإفساد الخلقي هو ركن محوري في الإستراتيجية العدوانية الصهيونية , وإن النساء سلاح أساسي في خوض تلك الحرب منذ القدم, فلقد نشرت صحيفة "هآرتس" بتاريخ (11 نيسان2004) بحثا أعدته الأستاذة "دانيئلا رايخ" للحصول على رسالة الماجستير من دائرة دراسات أرض إسرائيل . ومما جاء في البحث (( أن الحركة الصهيونية شكلت جهازا من المومسات للمساهمة في إنشاء الدولة العبرية حيث يقول البحث إنَّ الوكالة اليهودية جندت خمسة آلاف مضيفة من أجل الترفيه عن الجنود الأجانب العاملين في فلسطين في ثلاثينات وأربعينات القرن العشرين؛ وذلك لكسب الزعامات الصهيونية لتأييد تلك الدول ودعمها من أجل إقامة الدولة العبرية .وأضافت "رايخ" أن تل أبيب شهدت في تلك الفترة إزدهاراً كبيرا في مهنة الدعارة .وتقول كذلك إن زعماء المجتمع الاستيطاني استغلوا ذلك بالإضافة إلى الزواج المختلط من أجل استغلال العلاقة مع الجنود الأجانب لأغراض الدعاية للمشروع الصهيوني في أرض إسرائيل .وتقول "رايخ" إن تفاصيل الأمر تُعَدُّ سِرَّاً لا يمكن نَشْرُه)) .
لقد أولى الإسلام أهمية عظمى للأخلاق, وجعل الالتزام بها فرضا شرعيا, ومقياسا لتقييم الأشخاص , ولقد مدح رب العزة رسولنا - عليه الصلاة السلام – بقوله: (( وإنَّك لعلى خلق عظيم ))القلم\4 , وقال - عليه الصلاة السلام - :((إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق) صححه الألباني في الصحيحة ,
وقال الشاعر:
إنما الأمم الأخلاق ما بقيت فان هم ذهبت أخلاقهم ذهبوا
العوامل المساعدة على الفساد الخلقي :
1- ضعف الالتزام الديني .
2- الإعلام الجاهلي الفاسد .
3- الكتب الساقطة .
4- عدم متابعة الأبناء.
5- الثقافة الجنسية الخاطئة .
6- فساد الجو الأسري.
7- أصدقاء السوء .
وسأورد شيئا من التفصيل عن بعض تلك العوامل:
أ- الإعلام الجاهلي: ليس عبثاً سعي اليهود الدؤوب للإمساك بناصية الإعلام العالمي؛ فهم قد بذلوا الغالي والنفيس حتى تحقق مرادهم إلى حد كبير ، فالإعلام هو السلطة الرابعة في المجتمع الغربي, ومن أهم وسائل التأثير في الرأي العام, وصياغته حسب الرؤيا التي يحددها أصحاب ومديرو القطاع الإعلامي .
ولقد استغل اليهود سلاح الإعلام واستخدموه ضد الإنسانية, والأخلاق, والأعراف, والدين؛ فبدأوا بنشر الفكر الهابط وثقافة الانحلال, وادعوا أنها مصدر التقدم والرقي؛ وذلك من أجل إبعاد الدين عن ساحات الصراع, وطمس ثوابت الشعوب, وجعلهم يتحركون ضمن المتغيرات فقط؛ مما يتيح للصهاينة استخدام إمكاناتهم المادية والإعلامية, وسبل الخداع, والكذب, والتحريف, مبتغين التأثير على الرأي العام وصانعي القرار .فالصور الفاضحة, والأغاني الهابطة, والفكر الفاسد ,وما يبث منها عبر وسائل الإعلام العربية والأجنبية, ساهمت بفاعلية في انهيار القيم الصالحة في المجتمع المسلم, فَشَبَّ قسم كبير من النَّشءِ الجديد, وقد تمكنت من عقولهم ثقافة الانحلال.ومن أجل الدلالة على تأثير تلك الصور على النَّشءِ, أسرد قصة واقعية وحقيقية, وقد تكون مشهورة إلى حد ما, وتقول:(( إنَّهُ كان هناك رجل فاسد الخلق ويحضر إلى بيته أفلام فيديو إباحية, وذات يوم ترك احد تلك الأفلام في خزانة الفيديو وذهب هو وزوجته لزيارة أحد ما, وترك ابنه وبنته اللذين قاربا على سن المراهقة في المنزل لوحدهما, فدخل الأبناء غرفة الأبوين وقاما بتشغيل جهاز الفيديو ووضعا فيه ذلك الفلم الإباحي, وبدءا بتقليد ما يشاهدانه, وحدثت بينهما الفاحشة . ومشهد آخر نلاحظه مرارا لأطفال صغار يقلدون حفل زواج شاهدوه على شاشة التلفاز, فَيُقَبِّلُ فيه الأولاد البنات والعكس يحدث كذلك, لا سيَّما في المرحلة العمرية التي يمتاز بها الأطفال بالتقليد للكبار( سن خمس سنوات تقريبا)،وأعتقد أن لدى كل منا قصصا واقعية عن كثير من الأحداث المشابهة .
ولم يقتصر الإعلام الجاهلي في بث سمومه على الصور فقط بل تعداه إلى بث الفكر الفاسد من خلال الندوات واللقاءات مع أقطاب الفجور, إضافة إلى إبراز الفكر الإباحي من خلال الأفلام والمسلسلات .
ومن أجل التغلب على تلك المشكلة فعلينا:
1- تربية أبنائنا تربية إيمانية صادقة .
2- عدم اقتناء الأفلام والدسكات السيئة, والعمل على إلغاء المحطات الفضائية المروجة لمثل ذلك.
3- مراقبة التلفاز والإنترنت, وعدم السماح للأبناء بوضع تلك الأجهزة داخل غرفهم الخاصة, وقضاء الساعات الطوال أمامها دون معرفة ما يشاهدونه .
4- التركيز على المحطات المقبولة التي تبث البرامج الجيدة .
5- التبيان للأبناء أن الممثلين والمطربين الفاسدين إنما هم يقدمون خدمة كبرى للأعداء, ولا يجوز تقليدهم أو تقديرهم .
ب- الكتب والمجلات الساقطة:
وهي جزء من الإعلام الجاهلي وتحمل نفس الأهداف, وأضرارها لا تقل فداحة عن الإعلام المرئي وسبل مواجهتها مشابهة؛ ولذا يجب مقاطعتها, وعدم اقتنائها, أو بيعها وشراؤها.
ج- عدم متابعة الأبناء :
قال عليه الصلاة والسلام: ((ألا كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته)) مسلم.استجابة لهذا الأمر الشرعي, وتحقيقا للمحبة الصادقة للأبناء, والحرص الحقيقي على سلامتهم, لا بد وأن يقوم أولو الأمر بمتابعة أمور أبنائهم النفسية والحركية و الفكرية متابعة شاملة؛ من أجل إرشادهم وإبعادهم عن كل خطر يتهددهم, وعلاج زلاتهم قبل استفحالها لا سيَّما في ظل ما نحياه من واقع تطغى عليه الجاهلية بشتى مظاهرها ؛ فالإنسان المسلم لا ينجب الأبناء من أجل تسمينهم وتحويلهم إلى وحوش بشرية تنافح عن حمى الشيطان, ويكون موئلهم نار جهنم و العياذ بالله .وعلى العكس من ذلك فإن المسلم ينجب أبناءه ليصنع منهم جنودا للرحمن, يسعدون في الدنيا, وتقر أعينهم بعد انقضاء الأجل. ومن أراد لأبنائه عدم الانفلات من عِقَالِهم, فإننا ننصحه بما يلي :
1- معرفة أصدقائهم الذين يقضون طويل الأوقات معهم قال عليه الصلاة والسلام: ((عن النبى صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال‏:‏ ‏"‏المرء على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل‏))‏ رواه أبو داود والترمذي, وعليه الحيلولة بينهم وبين أصدقاء السوء وتمتين صلاتهم بأصدقاء الخير (رواد المساجد).فالشاب يتأثر بأقرانه من أبناء جيله أكثر من أي جهة أخرى, وهذا أمر واقع وليس بحاجة إلى إثبات , فمن كان أصدقاؤه ذوو سَمْتٍ حسن, وسجايا فاضلة, وسلوكيات مهذبة؛ فان الأثر الايجابي سيشمله, ويُمَتِّن في نفسه دوافع الخير .وأما إن سار في ركب المفسدين؛ فإن شرر فسادهم سيحرق ثيابه أو جسمه بالكامل .وكما يقول أحد الباحثين: ((إن عضوية الجماعة والاستمرار فيها تقتضي بالضرورة الالتزام بمعاييرها وقيمها , وكل جماعة مع الزمن تنمي نوعا من الثقافة الفرعية الخاصة بها , فإذا كانت التوجهات في ثقافة الجماعة نحو الجنوح فان عضوية الجماعة تستدعي الامتثال, لهذا فإن للشلة آثارا في توجيه الأحداث وسلوكهم )) انتهى. فلو سألت كيف يمكن لإنسان أن يمارس عادة اللواط إذا لم يكن من أصدقائه من يمارسها, أو يتحدث عنها, ويشجعها ؟؟ومن أين يمكن لشاب أن يتعاطى المخدرات والخمور إذا لم يشجعه صديقه أو من يعمل معه ؟؟ أليس من الملاحظ أن الكثير من عمليات السرقة, والزعرنات, ومعاكسة الفتيات, والمشاكل, تقوم بها مجموعات من الشباب ( العصابات)؟
قصص واقعية1:
جاء في اعترافات أحد العملاء من قرية ( ح ) أنه كان ومجموعة من أقرانه اللذين قاربوا سن الحلم يترددون على بيت أحدهم؛ من اجل اللعب وقضاء الأوقات, ومع مرور الزمن بدأوا يشاهدون على شاشة الفيديو أفلاما فاضحة, مما شجعهم على محاكاة ما يشاهدونه من خلال القيام بمعصية قوم لوط.
ويقول العميل (ص): لقد كان سبب تورطي في وحل العمالة هي تلك اللحظة التعيسة في حياتي عندما قام أخي الكبير بممارسة اللواط معي, وبعد ذلك أصبحت أطلب ذلك منه ومن غيره , وذات مرة عرضت على زميل لي أن يمارس معي وقد كنت ابن السادسة عشرة في حينها ,فوافق وجهز الأمر في منزلهم, وتفاجأت بعد ذلك أن ما قمنا به مصور على فيديو, وعندما قام زميلي بعرض الارتباط علي مقابل تحقيق شهوتي وإغراءات أخرى كثيرة, لم أتردد ما دامت شهوتي ستتحقق .
وفي قصة أخرى نشرت في صحيفة الرسالة بتاريخ (15\4\2004 ) جاء ما يلي: ((الحكم على ثلاثة بالإعدام ورابع بالمؤبد وجاء في حيثيات القرار أن الأربعة قاموا باختطاف فتاة تبلغ من العمر 15 عاما, ومارسوا معها اللواط ( ليس الزنى ), وبعد ذلك قاموا بقتلها, حتى لا تكشف أمرهم مع أنهم ليسوا عملاء )) إن مثل هذة الحادثة تشير إلى مستوى التردي والانحطاط الذي يصل إلية اللوطي وأصدقاء السوء .
تقول إحدى الدراسات: (( إن للشذوذ الجنسي أثراً سيئاً على النفس, واستمرار ممارسته قد تؤدي إلى تعلق الفاعل به, وإصراره على ممارسته؛ لأنه يزرع في الإنسان شهوة جديدة من الصعب تركها , كما أنها تورث المفعول به إضافة إلى تلك الشهوة انكسار نفسي داخلي, يجعله مسلوب الإرادة, ضعيف الشخصية, مهان النفس لا يشعر بقيمة ذاته )) انتهى.
ولقد اتسعت رقعة تلك الأفلام مع دخول الفضائيات والإنترنت, وهذا يفرض على أولى الأمر أخذ الحيطة بشكل أكبر .
وتحكي قصة واقعية أخرى أن بنتا كانت تذهب إلى بيت صديقتها في المدرسة, و التي كان لها أخ فاسد .و في أحد الأيام ساقها حظها العاثر لبيت صديقتها تلك, وبعد طرقها للباب فتحه لها ذلك الفاسد الذي لم يكن سواه في البيت, وادعى أن شقيقته في الحمام, ودعاها للدخول ففعلت, و عند خلوته بها قام بالاعتداء عليها . وما ينطبق على اللواط ينطبق كذلك على السحاق.
2- متابعة الأماكن التي يذهبون إليها و معرفة روَّادها, فان كانت أماكن للعب القمار وروادها من الفاسدين؛ فعلى ولي الأمر إبعاد أبنائه عن تلك المصائد و المستنقعات .وإن كانت البيوت التي يترددون عليها تؤوي فاسدين أو فاسدات, وكان لا بد من لقاء أحد أفراد العائلة الجيدين؛ فالأفضل أن تتم اللقاءات في الأماكن العامة مثل: المساجد والأندية وغيرها .
3- المال كما سيأتي عنصر مهم و امتلاكه مبتغى الكثير, و كسبه بغير وَجْهِ حَقٍّ حرام . وإكثاره في أيدي الأبناء مفسدة, و التقتير مع الْيُسْر خطأ, ويجدر بولي الأمر معرفة مصادر الأموال التي تجري في أيدي الأبناء والعلم بمصارفها .فهل هي للتدخين أو لعب المحرمات؟ أم أنها تنفق في الأوجه المشروعة؟ وهل تلك الأموال من الأهل, أو من سرقتهم أو من هبات الغير؟ و الإجابة على هذه الأسئلة تضع أولى الأمر في كامل الصورة؛ مما يسهل عليهم تقييم أساليبهم المتبعة في التربية على هُدَى و بصيرة .
د- التربية الجنسية الخاطئة :
((عندما نقول تربية جنسية خاطئة فإننا لا ننفي وجود التربية بل نؤكد على وجودها واقعا ملموسا, ولكن بطريقة خاطئة, ومن مظاهر هذة التربية الخاطئة اعتبار الحديث عن الجنس من الأمور المحظورة عرفا ( عيب )وتربية الطفل على ذلك, وضربه إذا ظهر منه أي سلوك طبيعي أو غير طبيعي وتعنيفه بشدة؛ مما جعل الجنس أمرا غريبا ويحرم الاقتراب منه , وبرزت خطورة هذه التربية في أن الإنسان فطريا واجتماعيا بحاجة إليه, فسعى للحصول على حاجته منه بطريقة سرية كاملة؛ مما شكل عنده حاجزاً نفسياً كبيراً وتمثل بالوضع التالي : (إذا أردت معرفة أي أمر جنسي فقم بذلك بطريقة سرية, وعليك أن تبذل كل جهد لإخفاء ذلك ,حتى أنه يحق لك الكذب واستخدام كافة أنواع التورية لإبقاء سرية الأمر ) .
ولما كان مثل هذا الأمر واقعا معاشا, التفت إليه العدو, وقام باستغلال ذلك أيمَّا استغلال وبعدة وسائل, سواء عن طريق العملاء, وبترويج الأفلام, والروايات الهابطة, والمجلات الخلاعية أو عبر البرامج التلفزيونية .
لقد عمد اليهود إلى إيجاد ضالة الشباب وهو تعليم الجنس , واستغلال هذه الحاجة الفطرية والاجتماعية بطريقة خاطئة؛ ,ففتحوا عين المراهق على العادة السرية وقالوا إنها أول طريقة للتعرف على أنك صالح جنسيا أو غير صالح ,ثم وسَّعوا في الأمر فعرضوا على الشباب والشابات صور الجنس الآخر وأجهزته التناسلية, وكيفية التعامل معها, وهي حاجة وشهوة الشباب ,ثم علمّوهم بعد ذلك أشكال المتع الجنسية ومنها الشذوذ , ثم قدَّموا عملية واقعية من خلال الساقطين والساقطات والفاسدين والفاسدات , وبعبارة أخرى فتحوا أمام الشباب ما أغلقته التربية الخاطئة, وعوَّدوهم على تحصيل ذلك بالسر , خوفا من العيب كما يعتقد .
وعلى الجهة الأخرى كان هناك نمط تربوي جنسي هابط قائم على أساس الاستهتار بالجنس ومضاعفاته, ومحاكاة الغرب أو الكيان المسخ في هذة الأُمور, وكان ذلك نتيجة الأفكار الدخيلة التي وقع فيها قطاع كبير من أبناء شعبنا )) دراسه غير منشوره.
ولا شك أننا كمسلمين لدينا نمط تربية جنسية ايجابي ورصين, لا يوجد فيه استهتار, ولا يقوم على الكبت, والكلام في ذلك يطول, وأنصح بقراءة كتاب "تربيتنا الجنسية" للمرحوم "فتحي يكن" وكذلك "تربية الأولاد في الإسلام" .
إن أي تساهل في بناء شخصية الأبناء بناءاًًً خُلُقيَّاً إسلاميا دقيقا, سيؤدي بالأهل إلى قَضْمِ أصابع الندم حين لا ينفع الندم .
خامسا : الفقر :
إن حاجة الإنسان الأساسية إلى المال قضية ضاربة بجذورها في أعماق التاريخ, وهي على درجة عالية من الحساسية؛ مما خولها لعب دورٍ مركزيٍّ في توجيه بوصلة الحياة الاجتماعية, والسياسية, والأمنية, والعسكرية, والأسرية .وما زاد من أهميتها تركيز الإسلام عليها ونظرته المتوازنة لشتى جوانبها؛ فهو أوضح أن الرزق بيد الله, قال تعالى:((إن ربك يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر)) الإسراء 30, وقال تعالى:((إن الله يرزق من يشاء بغير حساب))ال عمران 37.وفي المقابل بين أن الحياة الدنيا ليست هي المبتغى, وأنها دار الغرور, فقال تعالى:((وما الحياة الدنيا إلا متاع الغرور)) ال عمران 185؛ مما أوجد توازنا دافعا نحو الخير والاستقرار ،ومن أجل تفادي الآثار السلبية لمشكلة المال كَثُرَ أو قل, لا بد لرب الأسرة أن يتعامل معها في اتجاهين متوازيين, وهما:
الاتجاه الأول:
ويتعلق بطبيعة الاتجاه النفسي والنظرة العقلية للمال, فلقد رفض الإسلام أن يكون حب المال ركنا أساسيا من أركان الشخصية الإنسانية, لما لذلك من أثر سلبي على الفرد والمجتمع, يؤدي إلى إنحراف ٍعن الأهداف السامية, و لقد عبر الرسول -صلى الله عليه و سلم- عن ذلك قائلا: ((تَعِسَ عبد الدينار تَعِسَ عبد الدرهم )) الحديث بهذا اللفظ أخرجه الطبراني في المعجم الأوسط ( ج 3 /94 .
إن جعل امتلاك المال غاية عليا أمرُ مرفوض، والأصل هو إخراج المال من القلب إلى الكف, وجعله وسيلة للتقرب إلى الله, و التقوّي على طاعته, و خدمة دينه, وسد الحاجات الإنسانية.من هنا فإننا نقول: إنه لا يحل ولا يجدي الحيد و الابتعاد عن الصراط المستقيم, و درب الدعوة و الجهاد, خوفا على الرزق, أو المنصب, أو الوظيفة إلخ ، فتفضيل المصلحة الدنيوية على أمر الله يُورِث غضب الله - عز وجل- ويعين الشيطان على استدراج الناس إلى ارتكاب المحرمات, وكَسْبِ المال بطرق غير مشروعة, ويصل بهم أحيانا إلى الكفر وإلى التكبر, كما قال اليهود الذين أورد الله- عز وجل- ما قالوه في كتابه الكريم ((لقد سمع الله قول الذين قالوا إن الله فقير ونحن أغنياء ))ال عمران181. إن ما سلف من معان جليلة يجدر بنا أن نورثها لأبنائنا, ونرسخها في نفوسهم؛ لنزرع فيهم عنصر الخيرية الذاتية, و نصنع منهم درعا متينا قادرا على رد الهجمات الشيطانية و الدنيوية الشرسة على أعقابها .
البعد الأمني لهذا الاتجاه :
إذا علمنا أن من أكثر الأساليب المستخدمة في الإسقاط هو المال و متعلقا ته؛ فإننا نستطيع القول إن حب المال وإمساكه بشغاف القلب, يُيَسِّرُ على اليهود إغراء هذا الإنسان برخصة سواقة, أو عقار, أو تصريح عمل, أو تصريح سفر, أو إسناد مركز, أو تمليك أموال منقولة او الإمتناع عن هدم بيت مقابل ارتباطه أمنيا معهم. هذا عدا عن قيام أسرى الأموال بعمليات الربا, و السرقة, والاحتكار, أو الاتجار بالمحرمات, وهذا برمته يصب في مصلحة العدو, ويُيَسِّرُ عليه سبل الإيقاع بالضحايا, وامتلاك أوراق الضغط الازمة لذلك .وغالبا ما يتم خداع الضحايا وإعطاؤهم بعض الميزات المالية البسيطة في بداية الارتباط, وبعد ذلك يتم استعباد الضحية وإعطاؤه الفتات الذي يكفي لإعالة العائلة فقط . يقول "بيري" في مذكراتة صفحة (146): (( صحيح أن المبالغ التي دفعناها للعملاء كانت قليلة جدا بالمعايير الإسرائيلية لكنها تكفي لإعالة عائلة كبيرة في غزة)) .ويقول صفحة (25 ) :(( كان سمير عميلا مهما وكانت أخباره دقيقة وكان يعرف أماكن المخربين ومخازن الأسلحة , وحتى لا يشتبهوا به كنا نداهم بيته باستمرار بحجة البحث عنه وكنا أحيانا نعتقل والديه وأفراد عائلته بحجة الضغط عليهم ليخبرونا عن مكانه وكل ذلك بالتنسيق معه . ويضيف رغم كل ما قدمه لنا وللأسف لم نستطع أن نرد له بالمقابل كما ينبغي فالمقابل الذي يقدم للعملاء عموما ينطوي على إشكالية فكثرة المال في يد العميل تثير الشكوك حوله )) .
إن الإسقاط بالمال لا يقتصر على الفقراء فقط, وإنما يشمل الأغنياء كذلك ممن التزموا بقاعدة الغاية تبرر الوسيلة, وكثيرٌ هم الذين ارتبطوا من أجل تضخيم ثرواتهم, ومثل هؤلاء لا يكون عملهم مع الاحتلال مُنْصَبَّاً على نقل بعض الأخبار للشاباك والموساد, وقد لا يُطلب منهم ذلك مطلقا , وينصب عملهم فقط على الناحية الاقتصادية, بحيث يسمح لهم بضرب الاقتصاد الوطني لصالح الاقتصاد الصهيوني , وكذلك منع استفادة الشعب من ثرواته ومصادر دخله, وجعله مجتمعا استهلاكيا مصيره مرتبط بمشغليه وداعميه, وهذا ما يحصل في فلسطين وغيرها من الأقطار المحيطة . وإن مثل هذا الوضع يصل بشرائح من الشعب إلى حالة الفقر المدقع؛ مما يشكل تربة خصبة للاستغلال اليهودي . من هنا نؤكد أن مثل هؤلاء من مصاصي الدماء يجب محاسبتهم وعدم السماح لهم بالاستمرار في عملهم وهذا يقع على عاتق كل الشرفاء في شتى مواقعهم ؛ فالذي يرى أبناء شعبه يلعقون جراحهم, وجوعهم, وحاجتهم, وفي المقابل هو يقوم بنهب حقوقهم ويدعم اقتصاد عدوهم, لا بد من اتخاذ الإجراءات المناسبة بحقه .
الاتجاه الثاني :
يخطيء من يظن أن الإسلام دين الحرمان, وأن الالتزام به يوصل إلى الفاقة, المادية وشَظَفِ العيش, ويوجب التقتير على الأهل, وعدم العمل،او إنفاق كل ما تملكه اليمين على الفقراء, وإغفال الأسرة واحتياجاتها.فمن المعلوم أن الإسلام أرسى قواعد العدل والتوازن في كل شيء, بما في ذلك التعامل مع المال والمادة, ولقد قال عليه الصلاة والسلام :(( أن تذر ورثتك أغنياء خير من أن تذرهم ‏ ‏ عالة ‏ ‏ يتكففون الناس)) سنن الترمذي, فالإسلام أمر باكتساب المال وتنميته بالسبل الشرعية, وفرض أداء حق الله فيه, وهذا ما يفعله أهل الإسلام؛ لعلمهم أن المال يساعد وبقوة على نشر الدعوة, والقيام بأعبائها, والوقوف في وجه مخططات اليهود .
البعد الأمني لهذا الاتجاه:
إن قعود القادر عن العمل وتقتير الموسر على أهله ودعوته ونفسه, يمكن أن يؤدي إلى الاضطراب النفسي والسلوكي للأبناء, ويجعلهم عرضة للانحراف, أو الجهل, أو الاستغلال, وهذه منافذ كبرى يمكن أن يستغلها اليهود للإسقاط والإيقاع بالضحايا . كما وأن عدم قيام الجهات المسئولة بواجباتها المالية تجاه المحتاجين, وعمليات الرشوة, والاختلاسات, كلها تدخل المواطن الفقير أو الغني الجشع, تحت ضغط نفسي عميق وقوي, وتجاذبات متناقضة من حب الوطن والدين والخير من جهة, ومن أخرى الرغبة في قضاء الحاجة والنقمة على المسئولين المتخاذلين أو اللصوص, والرغبة في الانتقام ممن يستغلون مواقعهم من أجل إذلاله, وسرقة عرقه وترفيه أولادهم, وبناتهم, وأنفسهم, على حساب المواطن المحتاج لأبسط حقوقه الحياتية .
إرشادات متعلقة بالموضوع المالي
1- يجب حَمْلُ الأبناء على الإيثار وتربيتهم على التضحية ومدحهم على ذلك .
2- بيان أضرار الأثَرة وحب المال للأبناء بأسلوب حسن مقنع .
3- عدم القيام بتعويد الأبناء على الرشوة, من خلال تعويدهم على ألاَّ يفعلوا خيراً أو واجباً إلا إذا قبضوا ثمنا ماديا؛ لأن ذلك سيكبر معهم, ويعمل على الإضرار بهم, بل لا بد من حفزهم على فعل الخير من أجل الله ثم الخير نفسه .
4- عدم السماح للأبناء بالتفاخر على أقرانهم بكثرة الأموال والألعاب؛ حتى لا تغدو الأموال والعقارات قيمتهم العليا, التي يتفانون من أجلها, ويبيعون أنفسهم وغيرهم من أجل اكتسابها ،بل لا بد من غرس قوله تعالى: ((إن أكرمكم عند الله أتقاكم )) الحجرات 13 في نفوسهم, وإقناعهم بأن قيمة الإنسان تكون بقدر التزامه بدينه, وخدمته الشرعية لمجتمعه .
5- يجب تحذير الأطفال ومنعهم من السرقة مهما هان شأنها, وعدم مدحهم لفعلها, بل لا بد من تدريبهم على الاقتناع بما يملكون, وعدم الإسراف في جلب الكماليات .
6- الإسلام لا يمنع من الاستزادة من الأموال بالطرق الحلال, بل حَضَّ عليها بشرط أداء المستحقات .
7- لقد نهى السلام عن البخل والتقتير إن وُجِدَ المال, ونهى عن القعود في البيوت, والمساجد وانتظار الرزق.
8- لقد تكفل بيت مال المسلمين بسد حاجات المحتاجين والقيام بواجباتهم.
9- يجب على ذوي الشأن الاهتمام بأحوال الفقراء, وسد حاجاتهم, وتوفير الحياة الكريمة لهم؛ حتى لا يقعوا تحت مطرقة الحاجة, وسنديان الاستغلال .
11- لا بد من ترسيخ مبدأ التكافل الاجتماعي بين الناس من خلال الحض الدائم على ذلك .
12- على الإنسان المسلم أن يمتلك المهارات اللازمة التي تؤهله للعمل وكسب القوت وكلما تنوعت المهارات وتوجت بالتعلم كان الخير أكثر.
سادسا- الانحراف الفكري واختلال موازين القيم:
لا ريب أن هذا سببٌ مركبٌ, و الحديث عنه يجانب اليسر ،وإيجاد الرابط بينه وبين السقوط الأمني أمر بالغ الأهمية, وعلى درجة عالية من الدقة, ويحتاج إلى قراءة متأنية بين السطور.
عندما أرسل اليهود ممثلهم إلى السلطان "عبد الحميد", وطلبوا منه إقامة بعض غددهم السرطانية (المستوطنات ) على أرض فلسطين مقابل كل ما يطلبه من أموال, حينها بدأ العالم الإسلامي يُردِّد عبارة الخليفة المشهورة: (( إن عمل اَلمِْبْضَعِ في جسدي أهون علي من التفريط بذرة من تراب فلسطين وإعطائها لليهود )), فعادت حينها الحياة إلى جسد"العهدة العمرية" التي جعلت أرض فلسطين أرض وقف إسلامي, لا يجوز بيعها, أو التخلي عن ذرة منها لأي كافر, وحظرت على اليهود الإقامة في بيت المقدس إلى الأبد .
منذ ذلك الحين أُطلقت كلمة عميل على كل من باع أو توسط في بيع أي شبر من أرض فلسطين, وكذلك على كل من ساهم في دعم هجرة اليهود إلى هذه الأرض المباركة, أو قام بنقل أخبار المجاهدين للإنجليز واليهود.
لقد تيقنت الحركة الصهيونية منذ ذلك الحين أن بقاء هذه النظرة متجذرة ومتأصلة في نفوس وعقول العرب والمسلمين, سيشكل عائقا كبيرا, ويضع عقبة كَأْدَاء في وجه المشروع التوسعي اليهودي.فبدأوا بالمزج العضوي والجدلي بين هجماتهم العسكرية, والفكرية, والنفسية؛ من أجل تفتيت اللُّحْمَةِ الشعبية حول خيار الجهاد, متخذين في ذلك أشكالا عدة, منها :
1- إبعاد الناس عن أُصولهم الدينية والثقافية, من خلال نشر كتب المستشرقين وأتباعهم, ممن باعوا أنفسهم للغرب, وممن ينتسبون للعالم العربي والإسلامي .
2- العمل على نشر الأفكار الأرضية الفاسدة, مثل: الماركسية, والرأسمالية, والعلمانية, والحرية الانحلالية000إلخ.ومدعين بان تلك الأفكار هي أساس التقدم والرقي .
3- تحريف مفهوم الجهاد في سبيل الله, وجعله مجرد أعمال خيرية عادية لا شأن لها بالقتال مع العلم أن المفهوم الشرعي للجهاد هو القتال في سبيل الله.
4- بث الأكاذيب المدعية أن فلسطين هي أرض أجدادهم, وأن الأقصى أُقيم على أنقاض هيكلهم المزعوم, وأن حائط البراق هو الجزء المتبقي من هيكلهم, وأطلقوا عليه "حائط المبكى" (وللأسف إن بعض المنتسبين للعروبة والوطنية بدأوا يرددون هذه الفرية ويُنظّرون لها).
5- بث روح الانهزام في الأمة, وإظهار جيشهم اليهودي أنه الجيش الذي لا يُقهر(ولكن تم قهره من قِبل مجاهدي فلسطين ولبنان ) ومما رسخ فكرتهم تلك في عقول ونفوس البعض, هي الحركات الخيانية التي حدثت أثناء حرب (48) وما تلاها.
إن نجاح القوى الاستعمارية و اليهود النسبي في نشر ما سلف من أمور؛ أدى إلى :
1- انتشار الفساد الخلقي و الابتعاد عن الدين؛ مما سهل عملية السقوط الأمني أحيانا .
2- اقتناع جزء كبير من أتباع الأفكار المستوردة بإمكانية التعاون والتعايش مع اليهود في دولة واحدة والإخلاص لها؛ فأصبحوا عملاء عقائديين, ويخدمون في جيش الاحتلال, ويقتلون أبناء دينهم ووطنهم .
3- شيوع فكر الانهزام الذي غَذَاهُ التراجع الرسمي الدائم أمام المد الصهيوني؛ مما وَلَّدَ عقدة الدونية عند مجموعة من الناس, فقرروا أن يتبعوا من هو أذكى وأقوى وأنقى دما كما يتصورون, عسى أن يصبحوا شبيهين بهم؛ وهذا ما أدى إلى جعل قطاعات من عرب (الثمانية و أربعين) يخدمون في جيش العدو, وقطاعات أخرى قبلت بدخول الكنيست معتبرة إسرائيل دولتها, وأقسام أخرى تعتبر الجهاد من أجل تحرير كامل التراب الفلسطيني إرهابا يجب القضاء عليه .ومن القصص التي تشير إلى عمق الانحدار الفكري لدى البعض ما ذكره" بيري" صفحة "18" من مذكراته حيث قال: (( عام 1966 اخبرني مسئولي بأنني سأذهب إلى السكن في باقة الغربية من أجل التعرف على العرب وعاداتهم ولغتهم جيدا وسيكون سكني عند زكي عويسات الذي يعرف عملي ومن أنا كما أخبرني المسئول عني , كان زكي رئيس مجلس سابق وعضو لجنة إصلاح في المثلث ومن الشخصيات المرموقة وكان فخورا بأنه عميل لنا وكانت تعلو جدران غرفته صور رئيس الدولة والحكومة . ولقد شعرت خلال فترة بسيطة من وجودي في بيته أنني من أفراد العائلة, وإنني لن أنسى منظر الدموع في أعينهم عند وداعهم لي عند إنهاء مهمتي وعودتي لمنزلي . ويضيف كنت أتحرك مع زكي داخل البلد على أنني طالب في الجامعة العبرية أعد بحثا عن أوضاع العرب في الدولة .وبعد مغادرتي كشف النقاب لي من تخوف زكي على سلامتي وأنه كان يتجول حول المنزل حتى ساعات الصباح مسلحا ببندقية صيد وهذا ما اعتاد عليه طوال فترة وجودي عنده حيث كان لا ينام ولم أكن أعلم بذلك )).
واستمر الانحدار العربي, ودخل الجانب الفلسطيني شَرَكَ ما يسمى عملية السلام بعد عام( 1988)م وحينها تم الاعتراف بحق إسرائيل في الوجود كدولة آمنة وذات سيادة على حدود الرابع من حزيران عام ( 1967 )م (أكثر من ثلاثة أرباع فلسطين ).ومنذ ذلك الوقت بدأ اليهود باستخدام ذلك الاعتراف بشكل مريب ومكثف من أجل الإسقاط الأمني, وساعدهم في ذلك بدء الترويج لما يسمى ثقافة السلام و التطبيع, و اللعب ضمن المتغيرات, وشطب الثوابت بشكل عملي, وكان استغلالهم لذلك بعدة طرق, منها :
1- إدعاؤهم أن من يبيع أرضه التي هي ضمن حدود أرض الثمانية و أربعين ليس عميلا؛ كونها أرض دولة إسرائيل حسب إقرار النظام الرسمي العربي والفلسطيني بذلك ،فاستجاب العديد و قاموا ببيع أرضهم والارتقاء بمستواهم الاقتصادي، وللأسف تم رفع مستواهم الاجتماعي كذلك ،وتناسى أولئك أنه لا فرق بين أرض ال (67) و أرض ال( 48)وأن من يبيعها و يتخلى عنها لا فرق بينه وبين من باع أي أرض أخرى من"فلسطين" ،وانخداع الكثيرين بقول اليهود أدى إلى امتلاك اليهود لأوراق ضغط كثيرة, ساهمت في إسقاط العديد, وتحطيم انتمائهم لدينهم ووطنهم .
2- إن عموم وانتشار الأوهام القائلة إن من يجاهد من أجل تحرير أرض ال(48 ) إنما هو إرهابي, ويعمل ضد مصلحة الشعب الفلسطيني, وإن من يقوم بالإبلاغ عنه أو يحاربه فإنما هو يدافع عن "فلسطين" ،أدت إلى انطلاء هذه الخدعة على الكثيرين, ( لأن من روجوها ونظّروا لها يدعون الحرص على الوطن, والعروبة, والأمة) ما أدى إلى تسهيل عمليات إسقاط أليهود للناس ،وساعد في ذلك قيام المؤسسة الرسمية بالتعاون الأمني العلني من أجل ضرب الحركات المجاهدة . يقول "بيري" في المصدر السابق صفحة( 46 ) :(( إنه عرض الارتباط على شخص فرد الآخر بالموافقة واشترط قائلا أريد ضمانا أن تستخدم المعلومات التي أحضرها فقط من أجل إنقاذ نساء وأطفال فوافقت أنا على ذلك وساعدناه في شراء سيارة وبدأ يجوب القرى ليجمع لنا المعلومات).
3- إن من أهداف الإسقاط هو التحييد؛ أي إيجاد أناس لا يقاتلون عدوهم, وهذا ما ساهمت به ثقافة ما يسمى بالسلام بشكل كبير ولكن فضل الله أكبر ؛حيث انطلقت الانتفاضة الثانية, وها هي تحاول و بجد أن تغير تلك المفاهيم المغلوطة .
4- اقتناع الكثير أن الحرب قد وضعت أوزارها ما أدَّى إلى غفلة الناس عن دينهم و أخلاقهم, و تربية أبنائهم على ثقافة الجهاد, ومحاربة العملاء, و غفلتهم تلك أسهمت بفاعلية في نشر أسباب السقوط؛ مما أوقع العديد في حبائل اليهود, فساهموا في حرب المجاهدين في الانتفاضة الثانية( وهذا ما تشير إليه أعمار العملاء الذين اكْتُشِفُوا في انتفاضة الأقصى) .
لقد كان ميزان التقييم الأول في السابق هو التزام المرء بالحكم الشرعي, ومقدار إخلاصه و تفانيه في العمل الجهادي, فكان قادة الثورات هم القمم أمثال الشيخ "عز الدين القسام" و"عبد القادر الحسيني" وغيرهم, ولكن الانتكاسة التي ألمت بموازين التقييم أفرزت سرطان التبجيل لأصحاب المال أيا كان مصدره, ولدعاة التطبيع مع اليهود والمغنين الفاسدين المتغزلين بأعراض المسلمات، وعرض العري على الشاشات أدى إلى انتشار ثقافة الفساد التي هي تربة خصبة للسقوط الأمني, وكثرة مظاهر التبجيل والاحترام لقادة الاحتلال بحجة اللقاءات من أجل السلام واتفاقية حماية العملاء التي أُبرمت في "أوسلو"؛ كلها أسهمت في تضليل الضحايا وبالتالي استغلالهم .
وإننا إذا أردنا إفناء هذه المعضلة, ينبغي علينا إعادة الاعتبار الديني للقضية الفلسطينية, ومناجزة ما يسمى بثقافة التطبيع و السلام, والخضوع للأمر الواقع ،كما لا بد لنا من سحب الاعتراف بالغدة السرطانية (الكيان اليهودي ) المزروعة في قلب العالم الإسلامي, وجعل خيار الأمة الاستراتيجي هو الجهاد في سبيل الله استجابة لأمر الرحمن ،ولفظ أكذوبة السلام المزعوم, فإن كنا الآن غير قادرين على خوض حرب شاملة, فلا أقل من الإعداد الحقيقي لها, وخوض شتى أشكال حرب الاستنزاف .


سابعا : الإشاعة :
قد يتساءل البعض قائلا: ما هو الرابط الجدلي بين الإشاعة و السقوط الأمني ؟قائلين إن اليهود حريصون على ستر عملائهم .و لكنني سأجيب على ذلك موضحا الرابط العضوي بين السقوط والإشاعة في السطور القادمة إن شاء الله .
لقد دأب أهل الباطل على بث الإشاعات جميلة المظهر منذ سالف الأيام ،مبتغاهم من ذلك ضرب الجسم الإسلامي, والعمل على إضعافه, وزرع الشك في نفوس المسلمين لقتل الثقة فيما بينهم .ولقد جسد اليهود هذه الفكرة في نظريتهم التي وضعوها وقالوا فيها: (أنت تشك إذاً أنت موجود ).ومن أبرز تلك الإشاعات فرية, حادثة الإفك التي اتُهِمت فيها أم المؤمنين "عائشة" - رضي الله عنها- في شرفها, فبراها الله في كتابه الكريم, ورد كيد اليهود والمنافقين إلى نحورهم .
إن اليهود وأعوانهم من أهل الشقاق و النفاق, لا يتورعون عن بثِّ سمومهم وإشاعاتهم بين الناس؛ لتحقيق جملة من الأغراض المشبوهة التي يستفيدون منها في تحقيق مآربهم الفاسدة, وعلى رأسها التجنيد أو التحييد. ومن أهم أغراضهم :
1- إيهام المجتمع أنَّ أكثره عملاء وساقطون؛ وذلك من أجل تحييد المنخدعين بهذه الأكذوبة ونزع ثقتهم بالمجتمع .فيضعونهم في دائرة رعب دائم, تحول بينهم وبين مقاومة الاحتلال؛ مما يسهل على اليهود إحكام السيطرة على المجتمع و الأرض .واعلم أخي أن الحقيقة هي عكس ما يقوله اليهود والجهلة .والمجاهد لا يضيره انفراده في الجهاد؛ لأن مبتغاة الجنة .
2- إن انتشار فكرة عموم الفساد في المجتمع, تشجع كثيرا من مرضى النفوس على الارتماء في نار "الشاباك" وجحيمهم, معتقدين أن كثيرا من الناس على هذه الحال, أو أنهم سيصبحون ،وإن الاستفادة تكون للسابقين. ولكنني أقول: إن كفر الكافرين ليس مبررا لكفر المسلمين, والخير في أمتنا إلى يوم القيامة .(وسأقوم في الجزء الثاني بتوضيح مدى قذارة أسلوب التعامل الذي يقوم به اليهود مع عملائهم ،وذلك من خلال اعترافات ومشاهدات واقعية ) إن شاء الله .
3- ربما يتم بث الإشاعة من أجل تحييد شخص نشط, والقضاء على ذلك النشاط المؤرق لليهود؛ وذلك من خلال بث الإشاعات حول ذلك الشخص أو أحد أفراد عائلته،وقد يُصِّدق الجهلة تلك الإشاعات ويُروِّجها المفسدون, فتنتزع ثقة الناس بهذا الشخص, فيغدو عاجزا عن أداء واجبه المثمر ضد اليهود, وهناك عدة أمثلة لا أبغي سردها في هذا المقام .
4- في بعض الأحيان يكون هدف الإشاعة التغطية على عميل معين؛ وذلك من خلال بث اليهود وأعوانهم قصة مختلقة تظهر أن شخصا شريفا قام بتسليم مجموعة ما فيعملون بذلك على حماية عينهم السرية وتشويه غيره ،ويكثر استخدام هذا الأُسلوب داخل السجون متخذا أشكالا مختلفة .
5- من أسباب بث الإشاعة الضغط على شخص معين؛ لحمله على الاعتراف بما لديه من معلومات؛ من أجل إثبات براءته أمام الناس .
6- لقد فوجئنا بمن يسدون خدمة كبيرة لليهود, من خلال تشويه صورة بعض قادة المجاهدين, الذين يرفضون السير في ركب عملية ما يسمى بالسلام أو الخضوع لضغوط الواقع والاحتلال , أو حتى محاولة تشويه حركة بأكملها مثل حركة "حماس" لأسباب نترك للقارىء البحث عنها ،ومثل هذه الافتراءات تعمل على كسر معنوية الشعب بأكمله, وجعله يرضى بأن يكون حاميا لأمن اليهود .
7- إن اليهود يعمدون أحيانا إلى كشف أحد عملائهم, بعد جعله يكتسب ثقة الناس, من خلال ما يقوم به من أعمال ضد اليهود, والهدف من ذلك جعل الناس يفقدون الثقة بنشطاء الانتفاضة وبالتالي تحييدهم .
تلك بعض أهداف بث الإشاعة التي يصبوا اليهود إلى تحقيقها, والتي قد تُحِّيد الشرفاء أو تساعِد على إسقاط ضعفاء النفوس ،ولقد طوَّر اليهود واعتمدوا جملة من أنماط بث الإشاعة مستغلين سذاجة وجهل الكثيرين في التعامل معها, وحرصهم على بثها دون تأكد أو تمحيص ،ومن المعلوم أن من اعترافات العملاء هو قيامهم بالكتابة على الجدران, أو توزيع البيانات, أو الكلام المباشر, بهدف تشويه الشرفاء وافتعال المشاكل.
إن ما سلف يُحتِّم على التنظيمات أن تكون على قدر المسؤولية في التعامل مع هذه القضية الحساسة والمهمة؛ فقد أرسى الإسلام قواعد دقيقة تبين الأسلوب الأمثل في التعامل مع الإشاعة و المعلومة, والتي بأتباعها يمكننا إفشال مخططات العدو في هذا الباب, ومن أهمها :
1- التأكد من صدق المتكلم, قال تعالى: ((يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوما بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين )) الحجرات 6, فليس كل متكلم صادق؛ لذلك فإن تقييم الخبر يختلف باختلاف مصادره، بين الجاهل و المتعلم ، والمشاهد و الناقل، و السامع ومن تم إخباره .
2- لا بد من رد الأمر إلى أولي الأمر وعدم نشره؛ لان أولي الأمر المتابعين لهذه المسائل يكونون على دراية أكبر بسبل تمحيص صدق المصدر و دقة المعلومة ،وإيجابيات وسلبيات نشرها ،وطرق التعامل معها, وآثارها القريبة والبعيدة, قال تعالى:((ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم ))النساء 83. صدق الله العظيم.(( هذا بحد ذاته بحث واسع جدا ودقيق ومركب, لا أرى ضرورة للتفصيل فيه هنا )) .
3- إن هناك أهمية كبرى لمن تتمحور حوله المعلومة, وهل هو فاسد أو جيد؟ وكيف سلوكه وورعه؟ وهل يمكن أن يقوم بما ينسب إليه أم لا؟ ويحسن هنا ذكر قصة "أبي أيوب الأنصاري" حول حادثة الإفك، فعندما عاد إلى بيته قال لزوجته: (( ألا ترين ما يقال عن عائشة ؟فقالت :لو كنت بدل صفوان أكنت تظن بحرمة رسول الله صلى الله عليه وسلم سوءا ؟فقال لا ،فقالت: ولو كنت أنا بدل عائشة ما خنت رسول الله وعائشة أفضل مني وصفوان أفضل منك )) .قال تعالى: (( ولولا إذ سمعتموه ظن المؤمنون و المؤمنات بأنفسهم خيرا وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل ))النور12 صدق الله العظيم .
سابعا: بسبب المشاكل العائلية :
قد يبدو السبب غريبا نوعا ما ،ولكن تلك الغرابة ستتلاشى مع التقدم في قراءة المادة.إن المشاكل العائلية ليست سببا مباشرا في كثير من الأحيان في الانحراف, ولكنها تساهم بقوة في صياغة نفسية المرء بصورة سيئة يسهل استغلالها من قبل الأعداء .ولكن هذا لا ينفي كون المشاكل العائلية سببا مباشرا وقويا في بعض الأحيان, و خاصة إذا أدت تلك المشاكل لعمليات طلاق, أو قتل, أو إصابات, تحتاج إلى مبالغ طائلة لعلاجها, ولم تكن موجودة عند الحاجة, أو انعكس أثرها إلى خارج المنزل على هيئة مشاكل وآثارها ،أو تعاطي الخمور والمخدرات, أو الركون إلى أصدقاء السوء 000إلخ .تلك الأشكال التي يقوم اليهود أو المفسدون باستغلالها ما استطاعوا إلى ذلك سبيلا .
إن التسامح و الانسجام العائلي ركنان مركزيان من أركان البيت السعيد و الأسرة القوية ،يعني هدمهما مجافاة الاستقرار و السلوك الحسن, جراء التوتر و التشاحن الناجمان عن النزاعات والشقاقات, التي من أهم أسبابها :
1- حب السيطرة من قبل أحد أركان البيت, ورغبته الجامحة في جعل بقية أفراد الأسرة طوع أمره, سواء كان مخطئا أم مصيبا, وهذا ما لا ينبغي الاتصاف به ،فأفراد الأسرة وحدة متكاملة منسجمة, وليسوا أعداءً تدور بينهم رحى المعارك .
2- عدم استساغة المخطئ الإقرار بخطئه, وإصراره على رأيه, مع العلم أن كل بني آدم خطَّاء وخير الخطَّّائيين التوابون .وسيمر معنا لاحقا أن الاعتراف بالذنب والتراجع عنه , من أهم أسباب وطرق العلاج للضحية, الذي يتم اصطياده من طرف اليهود .
3- الانفعالية الزائدة والغضب السريع الذي يطفيء نور العقل, ويسمح للشيطان بتحريك الجوارح واللسان, لفعل ما لا يرضاه الإسلام والعقل الرزين .
إضافة إلى ذلك, فإن من ابرز الأساليب التي يستخدمها العملاء في كسب المعلومات, هو إثارة من يريدون سلبه أسراره, وجعله يتكلم بما يريدون دون شعوره وأثناء غضبه, كما سنرى لاحقا.قال عليه الصلاة والسلام:((ليس الشديد بالصُّرَعَة وإنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب)) البخاري.
4- ضيق الصدر وعدم استساغه مغفرة الأخطاء, وهذا من أشد أسباب البلاء؛ حيث إنه من الواجب أن نقوم بتقويم الاعوجاج بالشكل الحسن, واللطيف, والمقنع, والمغفرة للتائب .
5- التدخل والتحريض الخارجي سواء من أهل الزوج أو الزوجة ولأي سبب كان, وتناسي قول الرسول عليه الصلاة والسلام:((لا يدخل الجنة نَّمام)) مسلم,وهذه مشكلة ينبغي تجاوزها.
إن ما سلف من الأسباب وسواها, من ضعف الثقة بين أفراد الأسرة, وضعف القدرة على الإدارة, هي من أهم الأسباب الدافعة لنشوب الخلافات, التي يترتب عليها جملة من الأضرار, منها:
أ- قد تعمل المشاكل على تكوين العقد النفسية لدى الأطفال, الذين يكونون بمثابة صفحة بيضاء, تريد من يكتب سطورها.فالإنسان إذا عاش طفولته في جو من المشاكل, والاكتئاب, والخوف, والصراع, فإن شخصيته ستصاغ بأسلوب خاطئ مُشاب بأدران الانعزال, والخوف, أو الجبن, أو الإجرام, و اللامبالاة, وقليل مِنْ ينجو من ذلك ، ولا شك أن تلك من أهم الأسباب التي تساعد على الانحراف أو السقوط .
ب- إن الشقاقات العائلية تدفع أحيانا بعض أفراد الأسرة إلى محاولة الخروج من هذا الجو مؤقتا أو كليا وبحالة نفسية سيئة, تدفع أحيانا إلى تعاطي الكحول والمخدرات, في محاولة لنسيان ما حدث.والأخطر من ذلك هو وقوع هذا الشخص بأيدي أصدقاء السوء والشر الذين قد يستغلون سوء حالته النفسية ويدفعونه إلى الانحراف الأخلاقي, أو الارتباط الأمني مع الأعداء .أو جعله عضوا فاسدا في المجتمع, غير مساهم في معركة التحرر, وهذا في نهاية المطاف يصب في مصلحة الأعداء؛ لأنه من أهداف الإسقاط .
ج- جبن أو إجرام :إن الإنسان الذي نشأ في جو إرهابي فيه القوي والضعيف ،المتسلط والمسقط في يديه؛ سيؤدي عادة إلى :
1- الجبن والإحساس بالعجز والرضي بالواقع مهما كان, وعدم القدرة على المبادرة, والمواجهة, والتغيير, والتي هي من أهم الحصون الحامية من السقوط , ومن المعلوم أن أسلوب الترهيب يستخدم دائما للضغط على الضحايا؛ من أجل إسقاطهم فالذي يمتلك شخصية جبانة يسهل إخضاعه وربطه مع الأعداء, في كثير من الأحيان, تحت وطأة الترهيب, لان همه يكون فقط حماية نفسه ممن يهدده؛ لذلك لا بد من عدم قتل روح التحدي والمواجهة عند الإنسان, بل لا بد من العمل على تعزيزها وتقويتها .
2- الإجرام : قد يتأثر الطفل بشخصية المتسلط ويُقِّلده, فينشأ الشاب أو الفتاه نشأة الذين قست قلوبهم ولم يعودوا يقيمون للدين والأخلاق وزنا؛ فيصبحان عند ذلك مشكلة وعالة تواجه المجتمع, وأعوانا غير مباشرين لأعداء الأمة على أحسن الأحوال .ولا ينجو من هذين الشرين إلا القليل, فعلى الأهل أخذ العبرة والحيطة واتقاء الله في أبنائهم.ومرة أخرى نقول إنه ليس كل بيت فيه مشاكل يصبح أبناؤه فاسدين, ولكن تلك المشاكل تساعد جدا على الانحراف, وكثير من المنحرفين نشأوا في بيئة مكتظة بالمشاكل.
ثامنا:المشاكل بين الناس
هدف يعمل اليهود وعملاؤهم على تحقيقه؛ لعلمهم أن هذا سببٌ مهمٌ يمكن استغلاله من أجل إسقاط البعض ،وذلك من خلال حاجة العديد من العائلات المضطهدة إلى حماية نفسها, سواء بامتلاك المال بأي طريقة, أو بالحاجة إلى شراء السلاح, وهذا ما يمكن أن يحققه اليهود مقابل الارتباط ، أو الحقد على من يظلمونه, والرغبة الجامحة في الانتقام, حتى ولو كان ذلك بالاستعانة باليهود ، وهناك من ارتبط لهذه الأسباب, من هنا أقول إنه لا بد لأهل الخير والتنظيمات من العمل على رفع الظلم الواقع على المظلوم, وعدم تركه فريسة لليهود .
وقبل أن أنهي الجزء الأول, لا بد من التذكير بأهم الأسس النفسية الدافعة للسقوط, وهي :
1- الجبن والخوف من المواجهة عند التعرض للتهديد و الضغط من الأعداء (اليهود والعملاء)؛ لذلك لا بد من تربية الأبناء على مواجهة التحديات, معتمدين في ذلك على أساليب التربية الحديثة , التي لا تترك للجبن موقعا في البناء النفسي للطفل؛ مما يُؤهِّله لاحقا ليكون على مستوى التحدي والمواجهة .ومن التصرفات الخاطئة التي تنشىء أو تقوي صفة الجبن لدى الإنسان :
أ-المشاكل العائلية كما أسلفنا .
ب- تخويف الطفل من الغول والعتمة 000الخ من خُزَعْبَلاَت .
ج- تخويف الطفل من المجهول إذا خالف من هو أكبر منه أو من كان مسئولا عنه؛ مما يجعله ينسج من بنات أوهامه مخاوف وعذابات قد تصيبه ويبدأ يفكر فيها كأنها أمر واقع, مما يدفعه إلى بدء التفكير بكيفية الخلاص مما سيواجه, أو الاستكانة لمن سينقذونه ( وهذا هو أساس أساليب التعذيب النفسي الذي تستخدمه المخابرات ضد المعتقلين ) .ومن اجل الخروج من كل ذلك يبدأ يركن الطفل إلى الجبن والانصياع للأقوى .من هنا نقول إن الأسلوب التربوي السليم, هو إعطاء الثقة بالنفس للطفل, وإشعاره بقدرته على مواجهة كل ما سيعترضه, ومساعدته عمليا على ذلك . ولا ريب أن المرشدين الاجتماعيين بإمكانهم رسم صورة التعامل الصحيحة مع الأبناء, وإرشاد الأهالي إلى ذلك .
د- التخويف المفاجئ للصغار من خلال لبس الوجوه المرعبة, أو الصراخ بهم في العتمة, أو رواية قصص مخيفة على مسامعهم, كلها أخطاء تربوية سيدفع الأبناء والأهل ثمنها .
2- ضعف الثقة بالنفس, والتي تظهر من خلال عدم قدرة المسيء على الاعتراف بخطئه لنفسه ولغيره؛ مما يسهل على العدو استغلال ذلك في تكثيف التهديد بالفضيحة إذا رفض الشخص تقديم الخدمات لليهود؛ ولذلك لا بد من تربية الأبناء والغير على الاعتراف بالخطأ, والقيام بعلاجه, ومعاملة من يعترف بخطئه بأسلوب جيد وإقناعه بالعقاب إن كان لا بد منه .ومن الأخطاء التي ترتكبها الأمهات قولهن للولد والبنت إذا أخطأوا, لن أخبر وليَّ أمركم لأنه سيذبحكم إن علم؛ مما يجعل المخطئ يعيش في جو من الرعب, حتى إذا عاد ولي الأمر ولم يعلم بالخطأ, ولم يراجع, أو يحاسب المسيء, فإنه سيرتاح وتزول عنه هواجس الرعب؛ وبذلك تتولد عنده قناعة أن إخفاء الخطأ عن الأهل هو الأسلم, ومع الزمن يكبر معه هذا الشعور ويتشعب .والأصل حدوث غير ذلك بحيث يعلم ولي الأمر, ولكن يعالج الخطأ بأسلوب جيد يحمل الشدة أحيانا, ولا يخلو من الإقناع أبدا . وتكون المحاسبة أشد كلما أخفى المخطئ خطأه؛ ليعتاد الاعتراف بذنبه ومواجهة الواقع .
3- الحقد وهو من أسوأ الأسباب؛ فالحاقد يكره كل شيء ويعمل على توريط من يحقد عليهم, حتى لو كان الثمن فقدان حياته, وهؤلاء إن أصبحوا عملاء ازداد خطرهم لأنهم سيكونون عملاء عقائديين . فالحقد والرغبة في الانتقام تقود صاحبها إلى فعل أبشع الأفعال.
قصة : جاء في جريدة "القدس" بتاريخ( 1/6/2004)م وتحت عنوان (إعدام ثلاثة رجال في الكويت بتهمة اغتصاب طفلة وقتلها ) .نقلت الصحيفة أنه تم إعدام الثلاثة بعد إدانتهم بخطف واغتصاب وقتل طفلة عمرها خمس سنوات ! وذكرت أن سبب هذه الفعلة هو الانتقام من شقيق الطفلة؛ بسبب إقامته علاقة غير شرعية مع شقيقة اثنين من القاتلين, والتي حكم عليها بالسجن المؤبد جراء مشاركتها في عملية الخطف .
وما عمليات التعاون مع اليهود إبان الحرب الأهلية في "لبنان", والمجازر التي ارتكبتها "الكتائب" عنا ببعيد .
4- الرغبة في تحقيق المصلحة الذاتية ولو على حساب الغير؛ وهذا مبعثه الأنانية, أو العصبية القبلية, أو الرغبة في التشبه بالفاسدين الذين يمجدهم البعض , أو بسبب الحقد والغيرة والرغبة في الانتقام, وهي كلها أسباب تعارض الإسلام الحنيف, والشرف, والوطنية, والعادات, والتقاليد, وعدم القدرة على المواجهة, أو المنافسة الشريفة .
قصص 2 :
يقول "بيري" في مذكراته صفحة( 24): (( أُبلِغت في أوائل عقد السبعينات في يوم خماسيني أن أحد القرويين يطلب تصريحا للمتاجرة داخل الخط الأخضر, استدعيته إلى مقابلة وعرضت عليه التعاون وقد وافق فورا تقريبا واتفقنا أن نعود ونلتقي في مكان سري ليس بعيدا عن قريته حيث كان من المفترض أن يحضر لي هناك المعلومات الأولى التي سيجمعها , وعند المساء قبيل موعد اللقاء كنت أستعد للخروج إلى المنطقة برفقة حارسيَّ الدائمين وهما مظليان في الخدمة النظامية وفي اللحظة الأخيرة أبلغوني أن شخصا ما لم يكن معروفا لي يطلب الحديث معي بصورة عاجلة فسارعت عائدا إلى مكتبي ووجدت هناك قرويا متهيجا قال لي : كابتن بيري أنا اعرف أن لديك موعدا هذا المساء مع ( وذكر اسم الشخص ) ووصف المكان الذي حددناه للقاء , وحذرني قائلا لا تذهب لأنه يوجد مخربون هناك يريدون تصفيتك . سألته يقول بيري ما هو الذي حركك لتحذيري ؟ فأجاب بثقة وقال إنه منذ زمن طويل تسود علاقة كدرة وسيئة على خلفية نزاع تجاري بينه وبين الشخص الآخر( الذي حاولت تجنيده ) ولهذا فعندما سمعت بالصدفة عن الكمين جئت لأخبرك يا كابتن من أجل أن يسجن الشخص الأول لسنوات طويلة .(ويقول بيري أن ما حصل لم يكن من أجل الحفاظ على حياتي ) , وبالفعل ذهبت قوة عسكرية واعتقلتهم واعترف الشخص عند التحقيق معه أنه وافق على الارتباط من أجل تصفيتي)) . من هنا يتضح أن الأحقاد وغيرها من آفات القلوب, لها اثر سيءٌ على حياة وتصرفات المصاب بها وبدرجات مختلفة؛ لذلك لا بد من إحسان تربية الأبناء جيدا, ومحاسبة النفس باستمرار, وتحكيم العقل والشرع وليس العاطفة .
5- اعتقاد العميل أنه لن يُكشف, وهذا ما أثبت الواقع عكسه؛ فكشف العميل أمر حتمي ولو طال الأمد؛ فشخصية العميل شخصية ازدواجية فهو يعيش بعدة وجوه ,والتناقضات في الإحساس والتحرك يفرضها عليه الواقع, وهذا سيؤدي إلى كشفه في النهاية لا محالة, هذا إذا لم يكشفه مشغلوه أصلا؛ لتحقيق مصلحة لهم ولو على حسابه ،قال تعالى: ((ولتعرفنهم في لحن القول )).
6- عدم التفكر بيوم الحساب, وقلة الإيمان بالقضاء والقدر .
7- ضعف الانتماء للوطن.
8- عقدة الخوف من الفضيحة؛ فهناك أكثر من ضحية اعترف أن خوف الفضيحة كان سببا في ارتباطه ,قال أحدهم: ((لقد كنت شابا أنيقا معتدا بنفسي ولا أقبل أي انتقاد وأبذل كل جهدي كي لا يظهر علي الخطأ مهما صغر لأبقى متميزا على أقراني , وعندما غُرِّرَ بي وأُخذت لي صور فاضحة وتم تهديدي ,بدأت أسأل نفسي كيف ستكون صورتي إن تم فضحي وأنا الذي أرفض حتى النصيحة؟؟ وكيف ستصبح النظرة لي ؟؟وهل أستطيع أن أسمع التهكم علي ؟؟ ولذلك قررت الارتباط ويا ليتني لم أفعل )) . وجاء في إحدى الدراسات ما يلي : ((وعقدة الخوف هذه نابعة من سوء التربية حيث يُعمد في تنشئة الإنسان منذ صغره على التخجيل والإشعار بالذنب حين ارتكاب الخطأ واستخدام أسلوب التعيير بمعنى التذكير بالخطأ والعيب والتلويح به بقصد التأثير على نفسية هذا الشخص وإشعاره بالهزيمة , وهذا الأسلوب يربي في نفسية هذا الإنسان عقدة الشعور بالنقص والخوف فيلجأ إلى إخفاء أعماله وتصرفاته حتى لا يجد من يُعِّيره إذا أخطأ )).
((والناظر في أساليب تربية الإسلام للإنسان يجد أنه يوازي بين التأديب والإشعار بالخطأ من جهة, والتوبة والصلاح من جهة أخرى ,فليس المقصود الشعور بالخطأ وحده , بل القصد الندم على الخطأ وعدم العودة إليه . والإسلام يقرر أن كل بني آدم خطاء وخير الخطائين التوابون, وانه لا عصمة إلا للأنبياء )). (عن المصدر السابق) .فالخطأ لا يعالج بما هو أكبر منه,وإنما بالعودة عنه, وتحمل التبعات إذا لزم الأمر .وهناك العديد من خيار الناس الذين أخطئوا وتابوا بعد ذلك وَحَسُنَ سلوكهم, وأصبحوا من خيار المجتمع ووجوهه المعتبرة .
9- عقدة الفهم الخاطئ لمعنى الشرف : إن من آثارِ بُعدِ الإسلام عن أذهان الناس ظهور تصوراتهم الخاطئة في فهم الجريمة, والخطأ في تسميتها, ثم الخطأ في علاجها؛ فمن المعلوم أن الإكراه ينفي صفة الجريمة عن الفعل مثل الاغتصاب أو الزنا بعد التنويم .وَيُدْخِل الإنسان تحت اسم الضحية الواجب تقديم أعلى درجات المساعدة لها؛ لذلك فلا يوجد مبرر للرعب من مثل ذلك, والأصل علاج الأمر بصورة جيدة وطلب المساعدة إن لزم ذلك من أهل الخير والمعرفة بالحل .
ومن الخطأ اعتبار مرتكب الجنحة الأخلاقية بأنه غير سوي وبالتالي ليس له مكان بين الشرفاء,, وكذلك الضحية الأمنية ,فهذا التفكير الخاطئ يبعد الضحية عن إمكانية التوبة . إن المعصية الأخلاقية مثل معصية شرب الخمر, وعقوق الوالدين, والتعامل بالربا, والسرقة, وتعاطي المخدرات, وكل هذه معاصي تقدح في إيمان صاحبها, وكلها محرمة ولكنها لا تُدْخِلُ صاحبها الكفر( إلا إذا استحلَّها كالمرتد أو العميل العقائدي ).ولا تحول دون توبته, ولا تجعله جسما غريبا لا يمكن عودته إلى صفوف شعبه .إن سب الذات الإلهية أشد من المعاصي السابقة ,فإذا كنا نقبل توبة فاعلها, أفلا نقبل توبة صاحب الجُنْحَة الأخلاقية وخاصة إذا كان
مجبرا .
إن الأفهام الخاطئة تشكل عقدة عند من يبُتلى بها, وعقدة عند الناس الذين لا يعرفون علاجها, وتشكل مادة أساسية يستغلها العدو وعملاؤه في ابتزاز الضحية, وتخويفه بقضية الشرف, والتلويح له بسلاح الفضح بين أهله وإخوانه وشعبه وتنظيمه, إذا لم يقبل الارتباط والتعاون مع الأعداء ,وإن أسهل أسلوب لإفشال هذا المخطط والتهديد هو رفض الارتباط والقول للمخابرات انشروا الصور وأنا أساعدكم في ذلك لان نشر الصورة هو دليل براءة ورفض للارتباط . (عن المصدر السابق بتصرف)
إخواني في الله, بهذا أكون قد أنهيت الجزء الأول, سائلا المولى أن يكون ذلك في ميزان حسناتي, وأن ينفع كل من يقرؤه, و السلام عليكم ورحمة الله .
عبد الناصر عدنان رابي- فلسطين .
 
أعلى