مجانية التعليم منفعة أم مضرة ؟

فاطمة صالح

عضو جديد
بسم الله الرحمن الرحيم
مجانية التعليم منفعة أم مضرة؟!

بقلم / د. داود درويش حلس – أستاذ مساعد بالجامعة الإسلامية

الممعن بالنظر في وضع التعليم في مجتمعنا العربي اليوم يجد أن التعليم الذي هو غاية أصبح وسيلة لغاية كانت هي الوسيلة في يوم ما ألا وهى الاختبار؟!
السبب في قلب هذه الموازين ليس هو الطالب،ولا المعلم ؛بل نظم التعليم التي ربطت العلم بالوظائف والشهادات،في الماضي كان العلم يطلب بذاته، وكان العالم يعرف قدره ،في الماضي كان التعليم يدفع المتعلمين إلى حب العلم وتقديره واليوم نجد أبناء مدارسنا يتمنون الإجازة الأسبوعية ناهيك عن الإجازة الصفية؛ بل يتمنى بعض التلاميذ أن تنهار المدرسة على رؤوس المعلمين ويتخلصون من هذه السجون والقيود بل صرح بعض التلاميذ بقولهم:
وإني بيوم السبت إذا بان لشامت وإنك يا يوم الخميس لي صديق
متى نعي أن التعليم هو أخطر جهاز في الدولة. أليس التعليم أمن قومي واستثمار بشري؟!وإذا أردنا الإصلاح فيجب أن نكون على وعي بالإصلاح،وإذا أردنا وعي الإصلاح فأول الأخطاء هي أن نعي أخطاءنا، وأول أخطائنا هي مجانية التعليم. فمجانية التعليم فتحت الباب لمن يقدر العلم ومن لا يقدره ،مجانية التعليم هي أساس العجز في المعلمين فاضطرت وزارات التربية والتعليم في عالمنا العربي إلى المعلمين غير المقدرين لمهنة التعليم ليعلموا الأعداد الهائلة في كل مراحل التعليم،مجانية التعليم هي أساس الدروس الخصوصية ، مجانية التعليم أغلقت مدارس أخرى في المجتمع مثل الورش،والمصانع،والمؤسسات الحرفية،والتجارية،والدول المتقدمة تفتتح المدارس المهنية ولو قارنا خريجيها بخريجي المدارس المهنية في بلادنا لعلمنا مدى الهبوط الذي تعاني منه المدارس المهنية في بلادنا.
مجانية التعليم أعطت الضوء الأخضر للمدارس للعمل على الترفيع الآلي للتلاميذ (إنجاح التلاميذ)بأية صورة حتى يفسحوا الأماكن للأفواج القادمة وعندما يخفق التلميذ مرات عديدة ويتيقن الجميع أنه لا يمكنه مواصلة التعليم لأنه مخفق (فاشل) في دراسته التعليمية نذهب به إلى المدارس المهنية.
وإذا سألنا أنفسنا الغرض من إلزامية التعليم ومجانيته أهو تعليم هؤلاء التلاميذ القراءة والكتابة وأصول الحساب فبئس العلم إن كان هذا هو الجواب! فكم من تلاميذ مدارسنا اليوم وفي مراحل متقدمة من المدرسة لا يحسنون القراءة والكتابة! أولم يكن دور الكتاتيب في الماضي يفوق المدارس اليوم؟! لأن معظمها كان أهليا وكانت المنافسة من أجل العلم.
إلزامية التعليم ومجانيته لم تحل مشكلة الأمية بل زادت من المشكلات الاقتصادية ،والاجتماعية.إلزامية التعليم ومجانيته أخذت أطفالا من الورش الصناعية؛ لتنهار بعض الحرف والصناعات الفنية. عدم الإلزامية والمجانية للتعليم خرَّج علماء كالعقاد والمازني وطه حسين،وفقهاء كالقرضاوي والطنطاوي وعلي جمعة ،وقادة كأحمد ياسين...
التعليم اليوم يسير وفق قوانين ونظم حكومية في جلها لصالح المؤسسات والهيئات الحكومية والتي تعد المعلم موظفا يخضع للقوانين الحكومية وتطبق عليه مثلما تطبق على أي موظف في أي مكان آخر،وذلك عبء آخر على المعلم والطالب معا،فالتدريس موهبة وفن يؤدى بلا قيود ويتعامل مع روح القوانين لا مع صلب القانون.
أما مناهجنا التعليمية فلم تؤد الغرض الذي أعدت من أجله،فالمتعلم في مدارسنا اليوم يصل إلى آخر مراحل التعليم العام،وهو لم يتمكن إلا من البسيط من الثقافة والتعليم،المتعلم اليوم يترك هذه الكتب المجانية ليذهب إلى الكتاب الخارجي التجاري ،والدرس الخصوصي ،ولو كانت هذه المناهج صالحة بحق لما زهد فيها هؤلاء الطلبة، والسبب أنها صنعت بعيدة عن الطالب وميوله ،وحاجاته ،بعيدة عن رأي المعلم وولي أمره،بعيدة عن حاجات المجتمع ومتطلباته حتى ولو كان ذلك عبر استفتاء يوضع آخر الكتاب المدرسي لأخذ الآراء والاستفادة منها عند بناء المناهج والمقررات المدرسية
in_lovein_lovein_lovein_lovein_lovein_lovein_lovein_lovein_love
 
أعلى