خصخصة التعليم في فلسطين: واقع وآثار

حنين القدس

عضو جديد
خصخصة التعليم في فلسطين: واقع وآثار
حين يركز الحديث حول الخصخصة للتعليم في المجتمع الفلسطيني، فإن الأمر يأخذ أبعاداَ أكثر عمقاً وتفرداً وأثراً ضمن واقع الاحتلال وفعله وإفرازاته ومتطلبات الصمود والتحرر.
إن فقر فلسطين بالموارد الطبيعية جعل رأس المال البشري محط اهتمام خاص، فقد اعتمد الفلسطينيون وعبر تاريخهم الطويل على الموارد البشرية، خاصة العقل البشري، للمحافظة على بقائهم وتطورهم كشعب حيوي تحت الاحتلال وفي الشتات، فحافظوا على التزام عميق وراسخ بالتعليم باعتباره مصدراً رئيساً للإحساس بالقيمة الذاتية، ومصدراً للأمن الفردي والجماعي، إضافة إلى اعتباره وسيلة لمكافحة الفقر، وجسر الهوة بين فئات المجتمع بغض النظر عن خلفياتهم الاقتصادية والاجتماعية.
لقد أقيمت غالبية مؤسسات التعليم الفلسطينية خاصة العالي منها في ظل ظروف الاحتلال كتعبير عن الإرادة والالتزام، فسعت مؤسسات التعليم وبدعم مادي مباشر من منظمة التحرير الفلسطينية والدول العربية ومنظمة الأمم المتحدة إلى مواجهة القمع الذي أوقعه الاحتلال من خلال تلبية احتياجات الأجيال الشابة المتزايدة على التعليم، وتوفير فرص الدراسة لهم في فلسطين، وما يمثله ذلك من بناء وطني وترسيخ للهوية الفلسطينية، إضافة إلى دوره في بناء الاقتصاد الوطني الفلسطيني من خلال الإنسان المؤهل والمقتدر حين تكون الظروف ملائمة.
ويعد قطاع التعليم من أكبر قطاعات الخدمات التي تديرها السلطة الوطنية الفلسطينية، حيث تتحمل وزارة التربية والتعليم مسؤولية إدارة المدارس الحكومية وتشرف إشرافاً غير مباشر على المدارس التي يديرها القطاع الخاص ووكالة الغوث الدولية (الأونروا). وبصفة عامة، تشرف الحكومة إشرافاً مباشراً على المدارس الحكومية في الضفة الغربية وقطاع غزة عدا مدينة القدس التي لا تزال تحت الاحتلال الإسرائيلي، وتشرف وكالة الغوث الدولية على مدارس اللاجئين الفلسطينيين في الضفة الغربية، والقدس وقطاع غزة، وتتواجد معظمها في المخيمات الفلسطينية، بينما تشرف الهيئات والجمعيات والخيرية والطوائف الدينية والأفراد على المدارس الخاصة.
ولا زالت الخطط الاستراتيجية للوزارة تركز على أن التعليم إنساني وأساس للمواطنة وأداة للتنمية الاجتماعية والاقتصادية، وأساس للقيم الديمقراطية وباعتباره عملية مستمرة ومتجددة ومشتركة من خلال العمل الجماعي والتعاوني مع الجهات والمؤسسات المعنية بالتنمية من مؤسسات داعمة خارجية أو مؤسسات أهلية أو قطاع خاص. فارتفع عدد الطلبة الكلي في المدارس الحكومية في قطاع غزة من (173,532) طالب وطالبة في العام 1999/2000 إلى (234,667) في العام 2009/2010 وبلغ معدل أعداد الزيادة السنوية (35.2%). وتوضح الجداول الآتية توزيع الطلبة بين المدارس الحكومية والخاصة ومدارس وكالة الغوث الدولية، إضافة إلى التباين في بعض خصائصهم.

جدول (1): أعداد الطلبة في محافظات غزة بحسب السلطة المشرفة
السلطة المشرفة الطلبة
العدد %
المدارس الحكومية 234,667 51.8
مدارس وكالة الغوث 205,683 45.4
المدارس الخاصة 12,908 2.8
الإجمالي 453,258 100.0

جدول (2): معدلات الكثافة الصفية بحسب نوع المدرسة
السلطة المشرفة متوسط عدد الطلبة في الشعبة
المدارس الحكومية 38
مدارس الغوث الدولية 38
المدارس الخاصة 22
الإجمالي 37

جدول (3): معدلات حجم المدرسة بحسب السلطة المشرفة
السلطة المشرفة متوسط عدد الطلبة في المدرسة متوسط عدد الشعب في المدرسة
المدارس الحكومية 606.4 16.0
مدارس الغوث الدولية 902.1 23.9
المدارس الخاصة 686.8 13.2
الإجمالي 686.8 18.5

جدول (4): المؤشرات العامة لنتائج (T I M S) في العام 2007
المؤشر في الرياضيات في العلوم
متوسط التحصيل 367 404
الترتيب العالمي 43 من بين 49 دولة مشاركة 43 من بين 49 دولة مشاركة
الترتيب العربي 9 من بين 13 دولة مشاركة 10 من بين 13 دولة مشاركة
وهنالك بعض الملاحظات والشواهد العامة حول الفروق بين خدمات التعليم الحكومي وغير الحكومي، منها:
- يلاحظ أن أعلى نسبة للمدارس هي الحكومية ثم مدارس وكالة الغوث ثم الخاصة.
 الخدمات الصحية والبيئية المدرسية في المدارس الخاصة أكثر تميزاً من نظيراتها في المدارس الحكومية وكذلك مدارس وكالة الغوث الدولية.
 عدد الطلبة في الشعبة (الصف الدراسي) في المدارس الخاصة يبلغ ما نسبته (58%) من العدد في المدارس الحكومية ومدارس وكالة الغوث.
 الكادر البشري في المدارس الخاصة مقارنة بأعداد الطلبة نسبته أعلى في المدارس الخاصة مقارنة بالمدارس الحكومية أو مدارس وكالة الغوث الدولية.
 المعطيات السابقة تؤشر نحو ما هو شائع في المجتمع التربوي والمجتمع العام في فلسطين بأن المدارس الخاصة تقدم جودة أعلى أو رعاية أفضل للطلبة وخدمات التعليم في المدارس الخاصة مقارنة بالتعليم العام في فلسطين، ودون اتفاق على وجود تمايز مماثل في نوعية التعليم.
لقد شهدت السنوات الأخيرة توجهاً ولو بطيئاً نحو خصخصة التعليم العالي في فلسطين أسوة بالخصخصة الماثلة في قطاعات الخدمات كالكهرباء والمياه والاتصالات والمواصلات والصناعات – رغم تواضع حجمها وكونها وسيط وليس مزود-، واعتبار التعليم سلعة تباع وتشترى ويسوق لها، فيستطيع امتلاكها من كان مقتدراً مادياً فقط، ومن المؤشرات على هذا التوجه انخفاض الميزانية المخصصة للتعليم بشكل عام وعدم التزام الحكومة بدفع التزاماتها المحدودة نحو التعليم العالي، كذلك فإن خطط التنمية الوطنية سواء للأعوام 2011 و2013 والخطة الخمسية التطويرية الاستراتيجية 2008-2012، والاستراتيجية القطاعية وعبر القطاعية للتعليم 2013-2015 وما تضمنته من رؤى وخطط يراد تنفيذها وتوجهات، تؤشر نحو تشجيع خصخصة التعليم، كما أن القوانين الفلسطينية الخاصة بالتعليم كما وردت في مسودة الدستور الفلسطيني في المواد (56، 57، 58، 59) لم تتحدث عن أي مسؤولية للدولة تجاه التعليم العالي، وحتى القانون الأساسي للسلطة الفلسطينية في مادته رقم (24) لم يوضح مسؤولية الحكومة تجاه التعليم العالي رغم إشارته إلى أن التعليم هو حق لكل مواطن بكافة مستوياته وأشكاله. كذلك فإن نسب الالتحاق بالتعليم الثانوي والتعليم العالي في فلسطين منخفضة مقارنة بمثيلاتها في بعض الدول المجاورة والأوروبية.
كذلك ورد في سياسات الوزارة حول دور القطاع الخاص "تشجيع الوزارة للقطاع الخاص على الاستثمار في التعليم على جميع المستويات في جميع أنواع التعليم، وفي الوقت نفسه تحسين الإشراف على المؤسسات التعليمية الخاصة لضمان الجودة". ويلاحظ كذلك انخفاض مساهمة الحكومة في برامج الخطة التطويرية 22011/2012 كما ورد في الموازنة التقديرية، فتبعاً لمصدر التمويل ستكون مساهمة الحكومة بمقدار (2,993,048) دولار أمريكي من أصل (86,678,040) دولار هي الميزانية المقدرة، أي نسبة (3.45%) من إجمالي الميزانية، والباقي سيعطى من منح خارجية أو القطاع الخاص. كما أن معظم التعليم قبل المدرسي يتبع القطاع الخاص، ومعظم الجامعات (11) من (15) جامعة هي جامعات عامة غير ربحية تمول نفسها بنفسها باعتبار أن الرسوم التي يدفعها الطلبة تشكل ما بين (60-70)% من موازنات هذه الجامعات، إضافة إلى جامعتين خاصتين ربحيتين. ولم يعد خافياً ما يمارس أخيراً من توظيف لمفهوم التعليم الموازي في بعض الجامعات العامة والارتفاع الكبير والمستمر في رسوم المدارس الخاصة والأهلية والدينية، فاقتصر التعليم فيها على طبقة معينة من ذوي الدخل المرتفع.
ولعل من الملفت للانتباه ما يلاحظ في السنوات العشر الأخيرة من انتشار ملحوظ ومتزايد للمراكز الخاصة التي تقدم خدمات الدروس الخصوصية لطلبة المدارس، خاصة لطلبة المرحلة الثانوية ومكثفة وواسعة للصف الثاني عشر (التوجيهي)، ليس فقط على مستوى المدن إنما على مستوى المجتمع بشكل عام.
إن فكرة خصخصة التعليم أخطر وأكثر تعقيداً مما تبدو في ظاهرها، فالنظر إلى التعليم كسلعة تخضع لقوانين العرض والطلب، وسلعة تباع وتشترى تتعارض حتى مع النظرة البراغماتية بالأخذ بالاقتصاد المعرفي واعتبار المعرفة سلعة، لأن التعليم أوسع من المعرفة وهو يرتبط بالتربية والسياسة والأمن والاقتصاد، فإتاحة التعليم لأكبر عدد من المؤهلين والقادرين يعني تأهيل أكبر عدد من أفراد المجتمع للإنتاج المعرفي والمساهمة في بناء الاقتصاد ومنه الاقتصاد المعرفي. وكل ذلك يدعو إلى ضرورة إعادة صياغة للسياسات التعليمية بكافة مستوياتها منذ ما قبل المدرسة وحتى انتهاء كل المراحل الجامعية، ومن منطلق أن التعليم ضرورة اجتماعية وإنسانية وليس سلعة، والسعي نحو تحقيق متطلبات الجودة من خلال إتاحة التعليم للجميع، فالجودة لا تتوافق مع اقتصار التعليم على فئة أو جماعة، لكنها حسب معايير الجودة الحديثة تعني مجانية التعليم، أو على الأقل إتاحته أمام أكبر عدد ممكن من الراغبين والمؤهلين له لخلق مجتمع الكفاءة والجدارة القادر على المنافسة في ظل متغيرات العصر. كما أن خصخصة التعليم تعد أكثر خطورة وأثراً على المجتمعات والثقافات في دول العالم الثالث، حيث ستنتج الخصخصة ارتفاعاً في تكاليف التعليم ونقصاً في المنح المقدمة لذوي الدخل المحدود وهم الأكثرية، وهذا سيشكل عائقاً لتقدم التعليم والتوسع في انتشاره.
ويرى المعارضون لخصخصة التعليم أن التخصيص يؤدي بالضرورة إلى زيادة الفجوة بين طبقات المجتمع خصوصاً في دول العالم الثالث المعروفة بالدول " الأقل تطوراً "Less Developing Countries"، بسبب بنيتها الضعيفة ونمطها الاستهلاكي، وما يفرزه ذلك من انعكاسات سلبية في المجال الثقافي والاجتماعي. ويلخص المعارضون في واقعنا العربي رأيهم في نقاط محددة، منها:
• نشوء نوع من الطبقية بين المتعلمين في المؤسسات التعليمية الخاصة والحكومية تنعكس سلباً على المجتمع كافة، وتنتج نوعاً من الحقد والبغضاء داخل مؤسسات التعليم وبين أفراد المجتمع.
• تركز مؤسسات التعليم الخاصة على الطلاب وإرضائهم باعتبارهم زبائن للمؤسسات.
• سعي المدرسة لتحسين مركزها وسمعتها في السوق لتحسين نصيبها من سوق العمل وسعياً للربح المادي بالدرجة الأولى.
• هنالك مبالغة في اعتبار أن التعليم الخاص أفضل من التعليم الحكومي، ولعل الواقع في اليابان والفلبين والبرازيل وغيرها من الدول شاهداً على هذه المبالغة.
• كلفة التعليم، وتعني هنا الكلفة على المستثمر وإمكانات مردودها في واقع خاص، ثم الكلفة على الطلبة.
• اعتماد الربحية كهدف- فالمستثمر لن يضع رأس ماله لعمل خيري، كما أن مستوى وعي المستثمر بدور التعليم هو وعي عام غير متخصص، فيسعى إلى توسيع هامش الربح حتى لو كان ذلك على حساب المعايير الأكاديميةوالتربوية، مما سيؤثر على المستوى الأكاديمي لمؤسسات التعليم ونوعية الخريج.
• التماثل في الوضع القائم- التماثل في طرح برامج متشابهة لن يعطي ميزة لمؤسسات التعليم خاصة في التعليم العالي.
• انخفاض المستوى التعليمي وليس تحقيق جودة التعليم، فالأقساط التي تؤخذ من الطلاب مرتفعة جداً وانعكاس ذلك على انخفاض مستوى التعليم، وضياع مكانة المعلم، مع المساهمة في زيادة رقعة الفقر وانخفاض رواتب ومداخيل أسر الطبقة الوسطى. وهذا يعني التحول من توليد المعرفة إلى توليد الربح.
• "خصخصة التعليم" ستؤدي إلى اقتصار التعليم الجيد على أبناء الأغنياء وبالتالي حصولهم على الوظائف المهمة والحساسة، بينما تتفشى البطالة وينتشر الفقر في الطبقات الدنيا الفقيرة من المجتمع، ما يعني تكريس الطبقية وتهديد أمن وسلامة المجتمع.
• خلق أجواء من عدم الثقة بالنظام التعليمي من خلال شيوع فكرة خصخصة التعليم في طبقة الأغنياء.
فخصخصة التعليم ستعطي الفرصةلقوى السوق ليكون لها فعلها في نشر عدم العدالة بين الناس في وصولهم إلى المصادر التعليمية، واتاحة المجال لاحتكار التعليم عندما ينظر لمؤسسات التعليم كمؤسسات اقتصادية بالدرجة الأولى. ويمكن القياس على ما حدث من احتكار لخدمات عامة أخرى بعد تخصيصها في فلسطين، مثل الاتصالات، والكهرباء، ووسائل المواصلات التي كان متوقعاً أن تتحرر من قيود الاحتكار فيتنج عن ذلك تقديم خدمات أفضل بأسعار أقل، وبالتالي فإن التعليم لا ينبغي أن يترك تحت سيطرة المنافع الخاصة.
لكن الواقع في معظم دول العالم ومنها الدول العربية يفيد بأن التعليم الحكومي لم يعد المصدر الوحيد للحصول على التعليم، وأن القطاع الخاص كان موجوداً منذ قديم الزمان لكنه أخذ يقتحم المجال التعليمي بصورة أوسع خلال السنوات الأخيرة، حتى غدت خصخصة التعليم واقعاً لا يمكن إنكاره، وهي موجهة بعدة قوى تفرض وجودها، وعلى رأسها ما تعانيه معظم المجتمعات من ثقل عبء إنفاق الحكومات على التعليم في ظل التزايد السكاني وبالتالي الزيادة المطردة في أعداد الطالبين للتعليم، وما يرافق ذلك من تدنٍ في جودة ونوعية خدمات التعليم المتوافرة.
ويؤشر الكثيرون نحو دور القطاع الخاص في المساهمة في تطوير المنظومة التعليمية ورعايتها، فيراه البعض في خصخصة مؤسسات التعليم، ويطبق في بعض الدول في إطار محدود ضمن واقع الخدمات العامة في مجال التعليم بينما تلتزم الدولة بالإشراف والمراقبة، أي أن يقترن تخصيص التعليم بمظلة للنظام والدولة تضفي نوعاً من التوجه الوطني ويبقى للدولة مسؤولياتها والتزاماتها ضمن إطار للخصخصة متدرج وانتقائي، بينما في الولايات المتحدة الأمريكية فتح المجال للمنظمات الخاصة لتقوم بالإدارة التعليمية كاملة.
إن دور القطاع الخاص ليس موضع الخلاف، بل كيفية هذا الدور وإطاره، فالواقع العربي يقتضي أن يكون للقطاع الخاص دوره بل مسؤوليته نحو مؤسسات التعليم ليس في إطار الخصخصة إنما في إطار المسؤولية المجتمعية لهذا القطاع وحتى للأفراد من خلال دعم مؤسسات التعليم ومشاركة الدولة في تحمل جزء من نفقات التعليم وتطوير مؤسسات التعليم ضمن هذه المسؤولية، فالمصلحة مشتركة ومتبادلة، وما مخرجات مؤسسات التعليم إلا مدخلات لمكونات القطاع الخاص خاصة الموارد البشرية منها، وحتى قطاعات العمل العام التي تتميز خدماتها بالطواقم البشرية التي تديرها وتعملفيها، فينعكس أداؤها بشكل مباشر على القطاع الخاص وأدائه واستقراره ونموه واتساعه.
أما في الواقع الفلسطيني، فإن الأمر يأخذ خصوصية لا يماثلها واقع آخر، فالوطن ومقدراته والمواطن وتطلعاته لها محددات عديدة جلها يرتبط بالاحتلال وفعله اليومي وممارساته الممنهجة، والتي لا تسمح إلا بعلاقة تكاملية بين مكونات المجتمع الحكومية والأهلية والخاصة في كل مجالات الحياة، وعلى رأسها وسلم أولوياتها التعليم الذي يجب أن يتوافر لجميع الراغبين دون قيود أو شروط، فالثقافة العامة السائدة لا تتفهم أن يكون دور القطاع الخاص يتعارض مع التوجهات الوطنية المرتبطة بالتحرر من الاحتلال، ومسؤولية الجميع في ذلك.
إن هذا التوجه نحو خصخصة التعليم في حال تنفيذه حتى لو كان ذلك على المدى البعيد كفيل بإنتاج حالة من الفقر والبطالة والظلم الاجتماعي والطبقية التي تؤدي إلى أحقاد وقهر وحرمان، إضافة إلى دورها في تعزيز سلطة الاحتلال وصعوبة بناء أي أرضية اقتصادية قائمة على الموارد البشرية المؤهلة.ويستدعي ذلك ضرورة إتاحة التعليم دون قيود أو عراقيل مادية أو اجتماعية أمام الراغبين والمؤهلين، ومن خلال زيادة الإنفاق عليه ضمن خطة وطنية شاملة للتعليم بعامة والتعليم العالي بخاصة،وتتضمن الإجراءات الآتية:
• توفير خيارات مقنعة للتعليم الحكومي في زمن سريع التغير، خيارات توفر إمكانات للعمل تنسجم مع حاجات المجتمع وحاجات الشباب.
• ضرورة إقامة نسق للتعليم المتنوع والمرن المواكب لاحتياجات التنمية، ويستهدف أفراد قابلين للتعلم الذاتي والمستمر وقادرين على الإسهام في بناء الدولة والمؤسسات والاستجابة لمقتضيات التغيير السريع محلياً وعالمياً.
• تحديد نسبة كافية لدعم التعليم بعامة والعالي بخاصة في موازنة الحكومة الفلسطينية على أن لا تقل عن (25%) من الميزانية العامة السنوية للحكومة.
• اعتبار التعليم خيار أساس ضمن الخيارات التي تقاس من خلالها مستويات التنمية البشرية المستدامة، ومقوم رئيس من مقومات التحرر وبناء المؤسسات وإقامة الدولة.
• وضع استراتيجية وطنية فاعلة للتعليم تضمن إيجاد مصادر دعم كافية ودائمة لمؤسسات التعليم وتؤكد على الجودة والنوعية، وتوظيف دور القطاع الخاص من خلال المسؤولية المجتمعية في تطوير مؤسسات التعليم القائمة.
• خلق حالة من التكامل بين مكونات التعليم العام بأشكالها الثلاثة القائمة، العام (الحكومي)، والخاص ومن ضمنه المدارس التي عليها إشراف ديني، ومدارس وكالة الغوث الدولية، وضمن آلية إشراف عامة وفاعلة تسهم في تطوير مؤسسات التعليم العام.
وحيث أن الاحتلال لا زال قائما وفعله مؤثر في كل مكونات الحياة الفلسطينية ومنها التعليم بمراحله كافة، وانعكاس ذلك على الواقع الاقتصادي الصعب وغير المستقر ومعدل الدخل المنخفض على مستوى الفرد والأسرة، فإن خيار الخصخصة للتعليم بمفهومه الواسع والغامض محلياً وعربياً وحتى عالمياً لا يجوز أن يكون خياراً مطروحاً في فلسطين.
 
أعلى