يوم العمال

ياسمين

عضو جديد
يوم العمال

تحتفل الطبقة العاملة العالمية في الأول من ايار/مايو كل عام بعيد العمال العالمي، يوم التضامن الاممي بين جميع عمال العالم، ويعود الأصل التاريخي للأول من أيار/مايو إلى النضال المرير الذي خاضته نقابات الولايات المتحدة من أجل العمل ثماني ساعات يوميا، بمساندة الاتحاد الأميركي للعمل أنذالك، الذي أصبح اليوم الاتحاد الأميركي للعمل.

تبلورت هذه الفكرةُ سابقّا في أوستراليا، إذ قرّرَ العمالُ سنة 1856، تنظيمَ يومٍ للتوقف الكامل عن العمل مصحوبًا باجتماعاتٍ ومحطات ترفيهية، تأييداً ليوم عملٍ من ثماني ساعات. في البداية كان من المقرر أن يكون هذا الاحتفالُ في الحادي والعشرين من نيسان. وكان العمال الأوستراليون يريدون أن يحتفلوا بهذه المناسبة عام 1856 فقط. وكان للاحتفال الأول وقْعٌ شديدٌ على جماهير البروليتاريا في أوستراليا، فرفع معنوياتهم، ودفعهم نحو تحريضٍ جديدٍ، وهكذا تقرّرِ أن يقام الاحتفال كل عامٍ.

وكانت المحاولات الأولى لإنشاء أول منظمة نقابية في بريطانيا عام 1831 عندما تأسست “الجمعية الوطنية لحماية العمال”. وبعد ذلك وفي عام 1834 تأسست على يد روبرت أوين “النقابة الموحدة الوطنية العظمى” ومنذ ذلك الحين بدأت تنتشر في أوروبا فكرة إنشاء النقابات للدفاع عن مصالح العمال ولكنها كانت تجابه بقمع الشرطة، ففي فرنسا ظل التنظيم النقابي ممنوعاً حتى 1884. أما في إيطاليا فإن الإضراب عن العمل ظل ممنوعاً حتى 1889، وفي ألمانيا والولايات المتحدة سمح فقط للعاملين في مجال الصناعة بالانتماء النقابي تحت شروط كثيرة ومختلفة، وعلى رغم السماح للنقابات بالعمل، ظل القانون الأميركي لا يتعامل مع النقابات حتى نهاية القرن التاسع عشر.

وقد دعت الأممية الأولى في مؤتمر جنيف عام 1866، العمال الى النضال من أجل يوم عمل من 8 ساعات (8 ساعات عمل، 8 راحة ونوم، 8 ثقافة وتعليم) وقد لقيت هذه الدعوة صدى واسعاً لدى عمال الولايات المتحدة في الثمانينات، وعام 1884 دعت منظمة فرسان العمل الأميركية إلى تطبيق يوم العمل من 8 ساعات بدءاً من السبت الأول من ايار/مايو 1886 الذي عمت فيه الإضرابات والمظاهرات خصوصاً في المناطق الصناعية مما أغضب السلطات.

وكانت مدينة شيكاغو أكثر المناطق التي شهدت تظاهرات ضخمة مطالبة بتحديد يوم عمل من ثماني ساعات. وعلى أثر نجاح الإضراب دعا عمال شيكاغو إلى تمديد الاضراب يومي 3/5 و 4/5/1886 ودعي لاجتماع سلمي في “هاي ماركت” إلا أنه تعرض لقمع السلطات الأميركية التي فتحت النيران على العمال بذريعة قيام العمال بإطلاق النار على الشرطة، مما أدى إلى مقتل أكثر من 200 عامل، واعتقلت الشرطة عدداً من القادة النقابيين حكمت على ثمانية منهم بالإعدام وسجنت البقية لسنوات تراوحت بين 3 سنوات و 15 سنة.

والنقابيون الذين حكم عليهم بالإعدام هم: - ألبرت بارسون، أوجست سبايس، سمول فيلدن، مايكل شواب، جورج أنجل، أدولف فيشر، لويس لنج، وأوسكار نيب ، وقد نفذ فيهم حكم الاعدام في 11/11/1887، وكان “أوجست سبايس”قد أطلق قبل إعدامه كلماته المشهورة: “سيأتي اليوم الذي يصبح فيه صمتنا في القبور أعلى من أصواتنا”.

وبالفعل فإن أحداث ايار/مايو 1886، أصبحت في كل عام بمثابة صرخة مدوية لعمال العالم تدعوهم للوحدة من أجل الدفاع عن حقوقهم وانتزاع المكاسب لهم للعيش بكرامة إنسانية.
وعلى أثر المجزرة التي حدثت في ايار/مايو 1886، فقد دعت الأممية الثانية عام 1889 إلى اعتبار الأول من ايار/مايو يوماً عالمياً للعمال، يرمز الى تحركهم ونضالهم من أجل حقهم في العمل والراحة والثقافة والتعليم، وحددت الأممية الثانية الأول من ايار/مايو 1990 يوماً لبدء الاحتفال بالمناسبة.

ومنذ الأول من ايار/مايو 1890، بدأ العمال في دول أوروبا المختلفة بالاحتفال بالمناسبة، ثم انتشرت الاحتفالات في مختلف دول العالم، حتى أصبح الأول من ايار/مايو رمزاً لوحدة العمال، ويوماً يشعرون فيه بانتصاراتهم وقد استطاع العمال في مختلف دول العالم جعل الأول من ايار/مايو عيداً رسمياً مدفوع الأجر، ما عدا الولايات المتحدة التي تعتبر عيد العمال أول يوم اثنين من أيلول من كل عام، في محاولة لكي تنسي العمال المجزرة التي ارتكبتها الشرطة بحقهم قبل أكثر من مئة عام والتي اضطرت عام 1893 إلى إعادة النظر بها، وإعادة محاكمة القادة النقابيين والإفراج عما تبقى منهم على قيد الحياة.

في الأول من ايار/مايو من كل عام ، تحتفل الطبقة العامة وجميع العمال في العالم ، بعيد العمال العالمي . إنه اليوم الذي تستعرض فيه الجماهير الشعبية قواها وتقيس الطريق التي تم اجتيازها في النضال من أجل تحررها، وتكرم أولئك الأبطال الذين سقطوا من عمال شيكاغو وأعينهم تتطلع إلى المستقبل، وتسعى إلى تقوية كفاحها وتأكيد تضامنها ووحدتها.

وعلى رغم الجهود الرجعية الرامية إلى منع هذه التظاهرة أو شلها أو تشويهها، أصبح الأول من ايار/مايو حقيقة وجزءاً غير منفصل عن تاريخ الحركة العمالية في العالم، فبعدما كانت هذه الاحتفالات تجري في أكثر أقطار العالم بصورة سرية وبأساليب وبطرق على درجة عالية من الحيطة والحذر لتلافي الصدام مع السلطات في تلك البلدان، أصبحت اليوم تجري في العلن دون خوف وبمشاركة كل القوى الشعبية العاملة .
 
أعلى